حدث ما كان متوقعاً، وارتكب حكم مباراة النصر والخليج عبدالرحمن العمري أخطاء فادحة بدائية؛ أثرت كثيراً في نتيجة المباراة، وأدخلت الوسطين الرياضي والإعلامي في دوامة الاتهامات والتأجيج والتشكيك، والعودة إلى الإشكالية ذاتها التي ورطت المسابقات المحلية، وساهمت في إثارة الفوضى فيما يتعلق بشكل ومستوى الممارسة الكروية ومخرجاتها على صعيد الأندية والمنتخبات، وكذلك بالنسبة للصراعات الإعلامية والاحتقانات الجماهيرية المخيفة والمحبطة معاً.. ما جرى مساء الجمعة الماضي من الحكم العمري، وما سيجري لاحقاً في لقاءات النصر، وربما لفرق أخرى، نتيجة طبيعية لتلك الحملة العنيفة من رئيس النصر الأمير فيصل بن تركي ومن الإعلاميين المحسوبين عليه ضد حكم لقاء النصر والرائد محمد القرني، ولإنذار وتهديد الأمير فيصل لرئيس اتحاد الكرة الأستاذ أحمد عيد، ومطالبته لجنة المهنا بالاستقالة، والحكام السعوديين بالجلوس في بيوتهم وصرف المكافأة لهم كاملة من جيبه الخاص(!!)، بل هي وهنا المصيبة نتاج القرارات الهشة المضحكة من لجنة الانضباط، لدرجة أن العقوبة تحولت إلى ما يشبه المكافأة والمباركة والتأييد لكل ما صرح به الأمير فيصل من اتهامات وإساءات وإسقاطات، ذكرتها اللجنة نصاً في بيانها.. الخطير في الموضوع هو ألا تكون الأخطاء، سواء من الحكام أو اللجان، تقديرية؛ فهذه تبقى مألوفة في أية منظومة عمل وجزءاً من اللعبة كما في سائر ملاعب ومباريات وبطولات العالم، وإنما تأتي تجاوباً مع حملات وضغوط كهذه لتحقيق مصالح غير مشروعة؛ وبالتالي تصبح رياضتنا ومنافساتنا أمام واقع مرير، الغلبة فيه لصاحب النفوذ والأعلى صوتاً والأكثر قدرة على استخدام لغة الوعيد والتهديد.. وحينها تصعب السيطرة على المسابقات وضبط إدارتها تنظيمياً وتحكيمياً وانضباطياً، تماماً كما هو حاصل الآن، وقد يتطور إلى الأسوأ مستقبلاً.. أمير الشباب.. أنت لها الآن، وبعد أن بلغت الحال برياضتنا إلى ما نحن عليه من تخبط في معظم جهات ومؤسسات ومكونات اتحاد الكرة، وتراجع سريع في نتائج ومستويات الأندية والمنتخبات، وما يصدر من مسؤولي ومنسوبي الأندية من تجاوزات حد التطاول والإهانة والنَّيل من حقوق وكرامة البشر، وزاد الوضع سوءاً ما يجري ويتردد في وسائل الإعلام من تكريس للتعصب، ونشر للأحقاد والإيذاء والكراهية، وغياب للأمانة والمهنية بطريقة فجة مكشوفة، تستهدف وتشوه صورة من لا تميل إليه مقابل الدعم وإخفاء السلبيات والمشكلات وتلميع نادٍ أو أندية بعينها، وطالما أن اتحاد الكرة لم يعد قادراً على القيام بمسؤولياته، وأثبت غير مرة أنه أضعف بكثير من أن يدير نفسه، ويتصدى بحزم وقوة للخارجين عن قوانينه والمتلاعبين بلوائحه وأنظمته.. فليس أمامنا إلا أن نتوجه للمسؤول الأول عن رياضتنا، سمو الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير عبدالله بن مساعد، ونطالبه بالتدخل لإنقاذ اتحاد الكرة من هوانه المتزايد موقفاً بعد آخر، حتى أصبح فاقداً للثقة بنفسه، فضلاً عن كونه غير موثوق به ومثار اعتراض وانتقاد من أعضائه ومن الجمعية العمومية ومن أندية باتت تفرض عليه قناعتها وشروطها ووصايتها.. يا أمير الشباب: كنا دائماً ضد تدخُّل الرئاسة أو أية جهة حكومية في أعمال وصلاحيات ومسؤوليات اتحاد الكرة المنتخب، وكنا طيلة السنوات الثلاث الماضية من عمره نأمل وننتظر منه تصحيح مساره والارتقاء بقراراته وخططه وبرامجه، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، وبدأت الأمور تتجه نحو المزيد من الانهيار والضياع في كل شيء، وخصوصاً فيما يتعلق بشخصية ومكانة وقيمة رئيس الاتحاد والمجلس برمته، فرأينا ورأى سموكم كيف يهان ويهدد وينذر؛ ما دفع نادي الخليج على سبيل المثال إلى إصدار بيان يؤكد فيه حقيقة ما وصلنا إليه، وحجم الظلم الذي وقع عليه في لقاء النصر من الحكم العمري؛ لأنه بحسب بيانه ناد لا يملك القوة ولا النفوذ ولا الإعلام.. يا سمو الأمير: تأكد لنا ولكم أن اتحاد الكرة وأعضاءه ولجانه غير قادرين على حماية أنفسهم ومزاولة عملهم وصياغة وإصدار قراراتهم وسط أجواء صحية هادئة ومنتجة، كما اتضح أن فرص المنافسة الرياضية ليست متكافئة، ولم تعد الأفضلية للأجدر والأميز والأكفأ، وإنما لمن يتمتع بالنفوذ ويجيد التقريع والتجريح؛ لذلك وحتى لا ينتهي بنا الأمر على طريقة (إنك لا تجني من الشوك العنب) نتطلع من سموكم التدخل وإنقاذ ما يمكن إنقاذه كما فعلتم قبيل دورة الخليج، ومثلما عاقبتم نائب رئيس الهلال ورئيس الشعلة وإداري النصر نريد منكم اتخاذ الموقف نفسه وتطبيق النظام باتجاه كل رئيس ناد أو إداري يخالف هذا النظام، وكذلك محاسبة من يقصر أو يتخاذل أو يتهاون في أداء مهامه من أعضاء الاتحاد ولجانه، إضافة إلى أن وسطنا الإعلامي المتأزم المتشنج يحتاج من سموكم للتفاهم سريعاً مع معالي وزير الثقافة والإعلام، والبدء باتخاذ إجراءات عملية جادة ونافذة، تمنع وتردع وتقف في وجه كل من تسول له نفسه ترويج تعصبه وتسويق أفكاره الهدامة والعبث بعقول ومشاعر الجماهير.. افعلها يا سمو الأمير تماشياً مع موقعك الذي نثق بك فيه كما وثق ولاة الأمر بك وبإمكاناتك وقدراتك وخبراتك ونجاحاتك، وبأنك الرجل المناسب لمنصب حساس كهذا، يتعامل ويتفاعل مع هموم وشجون وآمال وطموحات وتطلعات النسبة العظمى من سكان المملكة، وفي مرحلة ضاجة حرجة تستدعي المبادرة والحسم، وعندها أجزم بعون الله وتوفيقه بأن مجتمعنا الرياضي سيكون أداة بناء وبيئة عطاء وارتقاء للوطن والمواطن حاضره ومستقبله..