الواقع يقول إن معركتنا مع الإرهاب اللعين ليست معركة بندقية، أو حتى رشاش، إذ لو كانت كذلك لكنا حسمناها لصالحنا في وقت وجيز كما حسمنا موقعة الوديعة وما تلاها من اعتداءات تثبت غباء القائمين عليها والمحركين لها، وإنما هي معركة فكر في المقام الأول، ولو كانت غير ذلك لما استمرت طائرات التحالف الدولي تقصف أماكن وجود الإرهابيين ولا أقول تواجدهم لأنّ ذلك خطأ بلاغي وكأنها تخوض حرباً عالمية ثالثة، وقد أهدرنا من الوقت ما يكفي لمعرفة ما يريده الإرهابيون وما يخططون له منذ البداية، وذلك ناتج عن قصور مشين يدين الجهات المسؤولة في المحيط الفكري والتنفيذي، حيث كان بعضها غير مهتم بما يجري على طريقة جحا المعروفة، والبعض الآخر ركب موجة ذلك الوباء الداهم إما عن حسن نية وفي ذلك مخالفة صريحة لحكمة « المؤمن كيّس فطن »، وإما من باب التخندق له وارتكاب جريمة الخيانة الدينية والوطنية، بدليل أنّ علماء وأكاديميين لهم وضعهم الاجتماعي كانوا في غاية الحماس للإرهاب، حيث لا يزال بعضهم في السجون في أعقاب ثبوت علاقتهم بالإرهابيين، من خلال تجييش السذج من الشباب الذين لم تكن لديهم حصيلة علمية وثقافية كافيتين لتحصينهم ضد فخاخ أعداء الدين وأعداء الإنسانية، مما يستنتج منه ضياع جهد الوطن على صعيد التعليم والتثقيف، وهنا لا بد أن نقف مع أنفسنا لتأمُّل أخطائنا، وبخاصة الجهات المناط بها الحماية الفكرية والتوعوية التي نحن في أمسّ الحاجة إليها، لا سيما بعد ما هيمنت توافه الحياة على اهتمامات شباب الوقت الحاضر كالجنون الكروي الذي استحوذ حتى على عقول بعض الكهول، والعبث الذي توفره وسائل التقانة، وما تبقى لهم من الوقت يُستهلك في سماع الغناء الهابط، ولا ندري ماذا يُراد بنا في المستقبل بشقيه القريب والبعيد، إلاّ إذا وفرنا مناخاً علمياً وتثقيفياً يرتكز على قواعد قادرة على توفيرهما حيث لا مكان للعفوية هنا، وما أروع الحكمة العربية « آن وقت الشد فاشتدي زيم » ولولا أن الله قيّض لبلادنا رجال أمن أشاوس يقودهم محمد بن فهد تحت راية وليّ أمرنا عجّل الله شفاءه، لكانت النتائج على غير واقعها المشرف .. فهل من مدّكر ؟! صورة : ** في الوقت الذي يبلغ التحامل والجحود مداه عند ضعاف النفوس، يطل علينا أهل الفضل والوفاء بما يبعث التفاؤل بوجود الخيرين من أمثال الصديق الدكتور سعيد عطية أبو عالي، الذي غمرني بأريحيته النبيلة، من خلال استعراضه القيم لكتابي « بين هؤلاء عشت « في جريدة « اليوم « حيث يعجز لساني وقلمي عن إيفائه بعض حقه أديباً وتربوياً وإنساناً.. رعاه الله.