حين أوشكت سفينة السندباد على التحطم.. سارع السندباد بجمع ما حصده فى رحلاته مما خف وزنه وغلا ثمنه.. وتمسك بواحد من ألواح السفينة عله يصل به إلى بر الأمان. ارتفع الموج وغطى كل شيء فاستسلم السندباد لمصيره المحتوم... تعاقبت الأيام والليالي عليه.. شارف على الهلاك.. أغمض عينيه وراح فى لجة من الظلام. استيقظ السندباد على ضوء الشمس يغمر وجهه من جديد وهو ملقى على اليابسة.. حاول أن ينهض.. ولكنه عجز عن ذلك.. أحس بحركة من حوله.. من بين جفنين مثقلين لمح أشباحا تحوم من حوله.. استغرق الأمر فترة طويلة حتى عاد له وعيه المفقود.. قدم له بعضهم الماء.. وبعض الطعام.. وعلى الرغم من الاجتهاد إلا أنه لاحظ أن الجمع من حوله يشترك فى أمر واحد.. كانوا جميعا مقطوعي اليد اليمنى.. وسمع همهمات تصدر منهم تشير إلى كونه سليم اليدين, عجز عقله عن إدراك ما يجري.. لكنه انتبه لمقدم أحد الجنود واقترابه منه وهو يسأله عن أصله ومن أين أتى.. ولما لم يكن يعرف إجابة ترضيه لزم الصمت.. دفعه الجندي يخشونه.. وهو يتوعده بكلمات قاطعة بأنهم فى طريقهم إلى حاكم الجزيرة... وفي الطريق سأل السندباد الجندي عن سر الأيدي المقطوعة.. فجاءه الرد بأن ذلك ليميز اللصوص عن غيرهم من الشرفاء.. دارت الأسئلة في رأس السندباد ولكنه أثر السلامة وقنع بالصمت. وحين دخلا على الحاكم تأهب السندباد ليعرض حكايته وما عاناه في رحلاته لعل ذلك يشفع له عندهم.. ولكن الحاكم باغته بسؤال الجندي عن سر بقاء يد السندباد اليمنى على حالها.. ولما لم يكن هناك ما يجيب به الجندي.. سرعان ما أصدر الحاكم أمره للجندي بأن يقطع يد السندباد من فوره.. هاج السندباد وانبرى مدافعا عن نفسه نافيا أن يكون من اللصوص.. لكن الجندي عاجله بوخزه وإشارة فهم منها أن عليه أن يصمت.. أسر الجندي للسندباد يسأله إن كان يحمل شيئا ثمينا يفتدي به يده.. أخرج السندباد جوهرة قيمة من حزامه المشدود حول بطنه وقدمها للجندي.. أخذ الجندي الجوهرة وعاد للحاكم مرة أخرى.. غاب دقائق معدودات.. ثم عاد بالبشرى.. لقد جئتك بالعفو عن يدك اليمنى...وسنأخذ كل ما تحمله في حزامك فداء لباقي أعضائك.. على أن تغادر ديارنا في الحال.. أذعن السندباد للأمر واتجه من فوره صوب الشاطئ ليلحق بسفينة تغادر الجزيرة.. وعلى الشاطئ وقف الجندي ملوحا للسندباد بالوداع بيده اليمنى.. ومن حوله جمع كبير من أهل الجزيرة يشيرون بأيديهم المقطوعة للسينة وهي تبحر إلى المجهول.