تلقّينا خَبَرَ رَحيل الإعلامي علي بن عبد الله العُرف من وسائل التواصل صباح يوم الجمعة الموافق خمس وعشرين من الشهر الثالث سنة: ست وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة. أخذتهُ يد المنون في عزّ شبابه، وعنفوان عطائه، وقمّة حضوره الإعلامي في القنوات المرئيَّة، أخذته بعد مُعاناة من المرض الذي ألزمه السرير الأبيض صابراً على ما قدَّره الله له من مرضٍ أعجز الأطباء الذين رفعوا أيديهم وفوَّضوا أمره إلى الله الذي أعطاه أفضل وسائل الصبر على البلاء الذي ابتُلي به؛ لأنه مُؤمن أنّه في دار الابتلاء التي يُمتحن بها الإنسان المُؤمن ؛ ليُمحصه من الخطايا، ويُنقيه من الذنوب، ويُطهّره من السيئات. لذا نرجو من الله العليّ القدير أن يحتّ خطاياه، وذنوبه، وسيئاته كما تُحات ورق الشجر، لصبره على مُصيبة مرضه التي تُعد من أكبر المصائب التي حرمته من العيش مع أولاده، وأقربائه، وأصدقائه خارج المشفى الذي بقي فيه إلى أن فاضت روحه الطّاهرة إلى بارئها. عرفتُ العُرف أنّه من الإعلاميين البارزين في منطقة القصيم من إطلالته البهيّة في القناة الثقافيَّة التي يُجيد إعداد التقارير الثقافيَّة، والإخباريَّة، والاجتماعيَّة التي يبثّها من شاشتها المرئيَّة بلغته الإعلاميَّة المتمكّنة، وبشاشة وجهه المضيء، وحُسن صوته الرّخيم، وزينة هندامه الأنيق، وقدرته الفائقة في تنوّع أسئلته الإعلاميَّة في لقاءاته مع كبار المسؤولين داخل الاستوديوهات التلفزيونيَّة، وفي برامجه الميدانيَّة، وحديثه بلغة عصره مع مُختلف الشرائح الثقافيَّة التي لها قبول من المُشاهدين على مُختلف مشاربهم الإعلاميَّة؛ لأنها لقاءات، وبرامج تحمل القمّة في الحوار الإعلامي الذي لا يمل المستمع، والمشاهد من مُتابعتها. عرفتُ العُرف أنّه الإعلامي المثقّف، الرزين في إعداد مُختلف التقارير الميدانيَّة عن منطقة القصيم، وفي أسئلة حواراته داخل استوديوهاتها مع المثقفين، وفي مُناسبات الاحتفالات الرسميَّة التي تُقام بحضور سمو أمير المنطقة، وسمو نائبه. يتعامل مع ضُيوفه في مصداقية إعلاميَّة تُخاطب عُقول، وقُلوب المُشاهدين الذين يحرصون على مُتابعة لقاءاته، وتقاريره، وحواراته. عرفتُ العُرف أنه استقر في ذاكرة أبناء المنطقة وبقية المناطق، وترك لهم بعد رحيله ذكراً طيّباً جسّده عبر الشاشة المرئيَّة التي يطلّ من خلالها، كما أن له إطلالة في فصول تدريس اللغة العربيَّة في الثانوية التجاريَّة التي أبقى فيها ذاكرةً طيبة عند زملائه، وتلاميذه الذين ذهلوا من هول خبر رحيله الذي تلقّوه بقلوبٍ راضية لقضاء الله وقدره، رأيتهم في سرادق المقبرة وهم يُؤدون واجب العزاء لأفراد أسرته الذين لم يستطيعوا وقف تفجّر محاجر أعيُنهم من الأدمع التي فاضت حُزناً وهم يتلقون العزاء، ورأيت المعزّين غشيت على وُجوههم علامات الفِراق وهم يعزّون بعض، ويذكرون محاسنه التي بقيت في ذاكرة أقربائه، وجيرانه، وزملائه. إنَّه الإعلامي الصادق في تعامله، والطيّب في سلوكه، والكريم في عطائه، فحظي حبّاً في قلوب معارفه، الذين جسّدوه في تغريداتهم التي تُعزي مُتلقيها، وتترحّم عليه، وفي حضورهم في ساحة المقبرة التي ضاقت سرادقها من كثرتهم. هذا ومن الصعب حصر مآثر فقيدنا الإعلامي عبر هذه الأسطر التي تجسّدها صفحة وفاء في جريدتنا الجزيرة، إلاَّ أنها تتحدّث عن نفسها للذين شاهدوه عبر الشاشة المرئيَّة في القناة الثقافيَّة. رحم الله الفقيد، وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.