لكل إنسان هالة تحيط به ترافقه أينما حل، وتتفاوت تلك الهالة بين البشر في قوتها ودرجتها، جعلها الله في بعض الأفراد محركا قويا يفتح به الأبواب المغلقة ويجد بها سهولة القبول والحضور، والأهم من ذلك التأثير الذي يتركه في أي مكان يوجد به. تلك هي الكاريزما والتي يعرفها د. توني أليساندرا بأنها القدرة على التأثير في الآخرين إيجابيا من خلال التواصل معهم ماديا وعاطفيا وفكريا. كما يعرفها كيرت دبليو: بأنها القدرة على بناء التآلف والتأثير بفعالية في الآخرين لجذبهم نحو طريقة تفكيرك وتحفيزهم نحو مزيد من الإنجاز وجعلهم أثناء ذلك حلفاء لك للأبد وبعبارة أخرى الكاريزما هي القدرة على حمل الناس على الرغبة في فعل ما ترغب منهم فعله والشعور بالإثارة لفعله. وإن كانت الكاريزما ذات أهمية للأشخاص الذين هم في مواطن التغيير، فهي من باب أولى أن تكون للمعلم أكثر أهمية، وذلك لطبيعة عمله وما يجب أن يكون لديه من قدرة لإحداث التغيير الإيجابي في الطلاب وزملائه المعلمين و من يتعامل معهم من أولياء الأمور. بل والأهم من ذلك أننا حين نتأمل سمات الكاريزما، نعلم مدى حاجة المعلم لها باعتبارها كفايات أساسية لما يجب أن يكون عليه المعلم في القرن الحادي والعشرين، والتي تستلزم اكتساب المعلم للمهارات المرتبطة بالكاريزما ليكون قادرا على العمل في بيئة المدرسة وفق ما تسعى إليه الإستراتيجية الوطنية للتعليم وهي أن يكون عضوا مساهما وفاعلا في بناء المجتمعات المهنية التعليمية بكل متطلباتها. ومن تلك السمات قدرته على استغلال كافة قدراته الشخصية لترك انطباعات قوية مؤثرة ودائمة في الطلاب ومن يتعامل معهم داخل المدرسة أو خارجها، وأن يكون لديه مهارة عالية المستوى في إدارة تواصله مع الآخرين بعطف و فعالية، والفعالية تنشأ بداية من ثقته بنفسه و مشاركته للآخرين وإلهامه لهم وتأثيره فيهم، وكذلك مهارته في التعامل مع الآخرين بناء على قراءته لغة جسدهم وملامح وجوههم ودلالات سلوكهم ومؤشرات تعبيراتهم، والعاطفية تعني أن يكون المعلم مفعما بالحيوية ومتحمسا وودودا و عالي الإحساس وقادرا على نقل مشاعره للآخرين. هذه السمات لو توفرت في المعلم لكان قائدا ومؤثرا على مستويين هامين: - الأول على مستوى زملائه المعلمين مؤثرا فيهم إيجابيا دافعا لهم نحو المزيد من العطاء والبذل وفق رؤية تحركها كاريزما هذا المعلم تستهدف وحدة الأهداف. - الثاني على مستوى المتعلمين والذين يتأثرون بمعلمهم الكاريزمي ويسعون للتميز و الإنجاز إرضاء له، ويعملون على نمذجة هذا المعلم وجعله قدوة لهم. تلك السمات تترجم على هيئة ممارسات تلاحظ على المعلم ومن ذلك: الثقة العالية بنفسه والاعتماد على ذاته، وكذلك الاستقلالية الذاتية، تعزز لديه سلوكيات المسؤولية الذاتية التي يستشعر بها أهمية دوره كمعلم، فيقوم بكامل مهامه حتى وإن لم يكن هناك رقيب وحسيب. الوعي الحسي والذي يتمثل في ذكائه العاطفي يجعله يدرك مشاعره الحقيقية ومشاعر الآخرين وهذا يعزز لديه مبدأ الشفافية والقدرة على التعبير وتفهم الآخرين والتعاطف معهم و الحلم و البعد عن سرعة الانفعال. الطاقة الإيجابية تجعل منه معلماً حيوياً وحماسياً يعمل من أجل رؤية وهدف يؤمن بتحققها على أرض الواقع فتراه دوما مبادرا يحل مشكلاته التعليمية بنفسه و يصنع الفرص ويثابر من أجل تحقيقها. نتيجة لأن ما يحركه هي القيم الذاتية الإيجابية فإنه يحاكم سلوكه من خلالها ويوجه ذلك السلوك بعد التأمل وفق متطلبات العمل وواجباته. ولكي يكون المعلم.... معلما كاريزميا فعليه - التعرف على المهارات الكاريزمية ووضع خطة لتعلمها والتدريب عليها. - الإقدام على اتخاذ الإجراءات الشجاعة المبتكرة وغير المعهودة، والتضحية والمخاطرة في إنجاز المهام. - تسخير جميع الموارد الشخصية من جهد ووقت في خدمة الأهداف والزملاء والمتعلمين. - الإصرار والعزيمة والمثابرة في السعي نحو تحقيق الهدف. - توقع الإيجابية من الآخرين واستهداف إطلاقها منهم في الأعمال التآزرية المشتركة التي يكون عضوا فيها داخل المدرسة. - العمل مع الفرق وفق رؤية مشتركة ورسالة مشتركة وأهداف مشتركة تنطلق من رؤية المدرسة المترجمة لرؤية المتعلم والمدرسة في الإستراتيجية الوطنية.