قام مركز الأمير سلمان بن عبد العزيز للترميم والمحافظة على المواد التاريخية، التابع لدارة الملك عبدالعزيز، بترميم وتعقيم وتصوير أكثر من 10 ملايين وثيقة قديمة ومخطوطة ومادة تاريخية، يعود بعضها إلى أكثر من 900 عام، وذلك منذ تأسيسه قبل عشرة أعوام، بغية حفظها من التلف الذي حل بها على مر العصور، وإعادة الاستفادة منها لفترات طويلة في المستقبل. ويتعامل المركز مع الوثائق والمخطوطات التي تصل إليه من الجهات الحكومية والأفراد على حد سواء بطريقة احترافية دقيقة، ينفّذها مجموعة من الشباب السعوديين المتخصّصين في مجال حفظ المواد التراثية، عبر ست مراحل، تبدأ بمرحلة التعقيم، ثم المعالجة، فالترميم، والميكروفيلم والتصوير الرقمي، حتى تصل لمرحلة التجليد. ويستقبل مركز الأمير سلمان بن عبد العزيز للترميم والمحافظة على المواد التاريخية ما لدى الأفراد من وثائق ومخطوطات وكتب نادرة ومواد تاريخية لإعادة ترميمها من جديد، ويدفع الفرد مقابل ذلك مبلغاً رمزياً يغطي تكلفة المواد الخام المستخدمة فقط، والباقي تتكفل به دارة الملك عبدالعزيز. واستطاع مركز الأمير سلمان أن يرمّم ويعقم أكثر من 21 ألف وثيقة ومادة تاريخية، وأكثر من 200 ألف كتاب لعدد من المواطنين، ناهيك عن ترميم وتعقيم وتصوير مئات الألوف من الوثائق التي حصل عليها فريق المركز في مشروع البحث بمناطق المملكة بعربتي نقل مزودتَيْن بأحدث أجهزة حفظ المواد التاريخية. وقال مدير مركز الأمير سلمان بن عبد العزيز للترميم والمحافظة على المواد التاريخية سلطان بن حمد العويرضي: إن موظفي المركز تم تأهيلهم في دورات متخصّصة في ذلك المجال خارج المملكة لإتقان تعاملهم مع المواد التاريخية المستلمة دون الإضرار بقيمتها. وأوضح العويرضي مراحل إعادة ترميم المواد التاريخية داخل مختبراته ومعامله المشتملة على 80 جهازًا تقنيًا وفنيًا، تُستهل بعملية التعقيم المخصّصة للقضاء على الآفات الحشرية والفطريات الموجودة داخل الوثائق وأوراق المخطوطات وأغلفتها الجلدية. ويستخدم العاملون في قسم التعقيم جهازي غاز الأوزون، والأقراص الكيميائية لتنفيذ عملية تعقيم المواد التاريخية من هذه الآفات التي يتسبب بقاؤها مع مرور الوقت في إتلافها بالكامل، علاوة على انتقالها إلى مخطوطات ووثائق أخرى سليمة مجاورة. وتنتقل المادة بعدها لعملية المعالجة الكيميائية بهدف إعادتها إلى حالتها الطبيعية وتنظيفها من الأتربوالأوساخ وما يدخلها من مواد حامضية. وزُود القسم بمواد كيميائية لازمة لتحضير المحاليل المطلوبة، وجهاز كشف التزييف الذي يوضح بدقة عالية سلامة الوثيقة من أي تعديل قد طرأ عليها، علاوة على أجهزة فك التصاق الورق، وتقطير المياه، وسحب الغازات. وبانتهاء عملية التعقيم والمعالجة الكيميائية للوثائق والمخطوطات يبدأ قسم الترميم، بترميم هذه المواد جزئياً أو كلياً بحسب حجم الجزء المصاب، ومدى الضرر الذي لحق بالوثيقة أو المخطوطة، وإجراء الترميم اللازم من خلال سدّ الثقوب، وإكمال الأجزاء المفقودة، وتقوية أوراقها. بعد ذلك تنتقل المواد المرممة إلى قسم الميكروفيلم، الذي يحفظها لأزمنة طويلة تقارب المائة عام في خزائن مخصصة لها تحت درجة حرارة ما بين 21 - 23 درجة مئوية. ويمكن عن طريق أجهزة حديثة تحويل أشرطة الميكروفيلم إلى رقمية، وحفظها على قرص مدمج. وفي نهاية المطاف تصل المواد المرمّمة بعد تجهيزها وقصّها إلى قسم التجليد الذي يتولى عملية إعادة تجليدها من جديد بالجلد الطبيعي أو الصناعي، وزخرفتها بالنقوش المذهبة، وكذلك عمل صناديق وعلب ذات مواصفات لحفظ الوثائق والمقتنيات التاريخية المهمة. ولمركز الأمير سلمان بن عبد العزيز للترميم والمحافظة على المواد التاريخية العديد من المشروعات التي عمل على تنفيذها مع عدد من الجهات الحكومية، منها إنجاز مشروع وزارة الثقافة والإعلام لترميم مجلدات الأعداد القديمة لصحيفة أم القرى التي ضمت 54 مجلداً مقسماً على 2679 عدداً، تحتوي على أكثر من 10716 صفحة، بعد عمل استمر (24 شهراً). وفي ذلك السياق، أفاد سلطان العويرضي بأن المركز تسلم 300 مجلد قديم من مجلس الشورى عام 1434ه لإعادة ترميمها، وقُسِّم العمل على تنفيذها إلى أربع دفعات، على مدى عامين، وانتهى العمل حالياً من دفعتين، ضمّتا 53 مجلداً، وجارٍ العمل على ما تبقى منها - بإذن الله - نهاية العام المقبل. وأضاف بأن المركز رمّم 76 سجلاً لمحكمة منطقة مكةالمكرمة من السجلات العثمانية القديمة التي يعود معظمها إلى أكثر من 900 عام، ويجري العمل الآن على التنسيق مع الوزارة لاستلام سجلات المحاكم الشرعية وكتابات العدل الأخرى في المملكة. وبيّن أن مركز الأمير سلمان للمحافظة على المواد التاريخية بدَّل أكثر من 1992 ملفاً قديماً لوزارة التربية والتعليم منذ أن كان يطلق عليها (وزارة المعارف) بملفات جديدة ملائمة لحفظ الأوراق القديمة، وصوّر أكثر من 1821 ملفاً وحفظها في 283 فيلماً مقاس 16ملليمتراً، تضم أكثر 712 ألف لقطة ميكروفيلمية، ويجري حالياً تحويلها إلى رقمية. كما تعاون مع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ممثلة في مكتبة الحرم المكي الشريف، ورمم وصوّر وجلّد أكثر من 21 مخطوطة نادرة، وعقّم مكتبة الحرم.