الصورة التي تم تداولها في التواصل الاجتماعي وعلى نطاق واسع للوزير د. توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة وهو في انتظار دوره عند صالون الحلاقة، صورة مثيرة للأسئلة والانتباه. مثيرة لأن وزير مثله كما اعتدنا لا يأتي إلى الحلاق، فالوزراء ومن في حكمهم من القيادات والشخصيات العامة ورجال الأعمال ومثلهم المرضى وكبار السن والأطفال تتم حلاقتهم بالمنازل حتى إن البعض خصص غرفة خاصة في منزله للحلاقة وأغراض أخرى, بالتأكيد أن الوزير الربيعة لا تخفى عليه ويتعامل مع الخدمتين لكنه يتبع فلسفة سلوكية. مثيرة، وأنا هنا لا أبرر ولا أفضل التبريرات الافتراضية والتي تقوم على الحدس، قد يكون هناك قرار بشأن صوالين الحلاقة ويرغب أن يتأكد بنفسه, وهذا افتراض استبعده رغم أن الوزير يتعامل مع بلاغات وملاحظات المواطنين مباشرة ويرد عليها بوسائله المتعدّدة، وهي مبادرة إيجابية رغم أنها من عمل الأجهزة الفنية والتنفيذية باعتبارها أداء للعمل اليومي. مثيرة في مجتمعنا السعودي لأن صورة الوزير صورة أسطورية لا تمس، وربما من الخيال العلمي بطاقات مختلفة وإمكانات متعددة القوى ويملك حلولاً سحرية. مثيرة لأن المواطن هو من رسم شخصية الوزير الأسطورية ذات النفوذ الخارق مادياً وقانونياً وإدارياً، وربما الصورة الدكتاتورية والتسلطية, وهذا من خيال المواطن, حتى تناغم مع الطفل الذي في داخل كل إنسان منا حب تضخيم الذات وشهوة السلطة وأحياناً غرور و دلال الكبير, وبالواقع أن أي وزير شخصية تنفيذية، ينفذ إستراتيجية وسياسات. مثيرة لأن بعض اللوائح والأنظمة تعطي الوزير الصلاحية المطلقة في أنظمة الخدمة المدنية: الترشيح والترقيات على الوظائف العليا، والتعيين والتوجيه إلى مناصب قيادة داخل قطاعه, ومنح الصلاحيات للبعض وحجبها عن البعض الآخر, ومنح الميزات والبدلات وخارج الدوم وتشكيل اللجان وغيرها. مكاتب الوزراء ساهمت في رسم صورة الوزير السلطوي, وخلقت حاجزاً بشرياً، وإدارياً بين الوزير والموظفين, حتى أصبح من يعمل في مكتب الوزير هو الوزير نفسه وبيده صلاحيات الوزير، وبعض مكاتب الوزراء عزلته عن العمل البيروقراطي اليومي داخل وزارته, وأصبح العمل يدار بأسلوب الشللية. مثيرة لأن د. توفيق الربيعة تحرّر إدارياً وسلوكياً من ممارسة الدوائر الضيّقة واتصل بالناس ومارس حياته الطبيعية، لأنه يدرك تماماً أنه جاء إلى هذا المنصب وسيغادره طال الوقت أو قصر, وسيعود توفيق الربيعة المواطن العادي إلى منزله, ويعرف أنه الآن في مرحلة من العمر وأن أمامه مراحل إذا أمد الله في عمره.