هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم وكتب عنها الكثير من الصحفيين، لكنها في ازدياد يوماً بعد يوم مما يدل على أن الأسباب لا تزال موجودة، والمشكلة لم تحل، والمعاناة لا تزال قائمة، والسلبيات المترتبة على ذلك ظهرت للعيان، بل ومع الأسف الشديد أصبح الهروب مصدر رزق لآخرين تحت تستر المواطن الذي همه الحصول على سائق أو خادمة بغض النظر عن الوسائل مقدماً مصلحته الخاصة على مصلحة الوطن العامة، وهذا النوع من البشر لا يعرف معنى الوطنية ولا يقدر معاناة الكفلاء الذين صرفوا آلاف الريالات من أجل الحصول على سائق أو خادمة، وبعد أيام قليلة من مباشرة العمل يفاجأ بالهروب الذي تعدد أسبابه، بل أصبح المواطن أحد الأسباب المهمة في هروب اليد العاملة، حيث تقوده نفسه الأمّارة بالسوء إلى العمل على جذب السائق أو الخادمة بأنواع الإغراءات المالية كي يهرب السائق أو الخادمة من بيت الكفيل إلى بيت اللص المتستر بلا وازع من دين ولا ضمير، حتى أصبح لتأجير الخادمات الهاربات رواج في الأسواق بأعلى الأسعار، ففي شهر رمضان المبارك يصل راتب الخادمة إلى ستة آلاف ريال في الشهر، وفي غير رمضان يصل إلى ألفين وخمسمائة ريال، والسبب الرئيس المواطن المتستر، فبدل أن يبلغ عن الخادمة الهاربة أو السائق الهارب يستميله ويرغّبه في العمل عنده، وهو يعلم بمن يؤويهم ويؤجرهم بالأجر الشهري، لكنه لا يحرك ساكناً، بل يعمل في الخفاء حتى لا ينكشف أمره، وهو في الحقيقة غاش لنفسه ولوطنه ولمجتمعه. لا بد من دراسة هذه الظاهرة والوقوف على أسبابها وعلاجها، ووضع نظام جزائي صارم في حال تورط المواطن أو المقيم في المساعدة على الهروب أو إيواء الهاربين من اليد العاملة، فهذا تعد على حقوق الغير بغير حق. لا بد من حملات تفتيشية على أماكن إيواء الهاربين والهاربات من اليد العاملة بالتعاون مع المواطن الغيور على وطنه وأمانته، وما يحصل الآن من الإعانة على الهروب يعد من الخيانة، كيف يرضى مسلم لأخيه المسلم بالخسارة والندامة، ويستولي على حقه بغير حق. هذا العمل الذي أصبح اليوم ظاهرة اجتماعية يجب أن ينتهي بأسرع وقت ممكن، فما ذنب هذا الكفيل المسكين الذي دفع رسوم الاستقدام بما يساوي عشرين ألف ريال ثم يأتي مواطن آخر أو مقيم فيعمل على استدراج هذه اليد العاملة لكي يعمل عنده، هذه جريمة في حق المجتمع، وما أكثر اليوم من يندب حظه ويعض أصابع الندم ويدعو على من كان السبب. فما موقف وزارة العمل وإدارة الجوازات من هذه الظاهرة؟