جسّد المهندس عبدالإله الدباس، مؤسس ورئيس شركة باجة للصناعات الغذائية، نموذجاً عملياً بارزاً للشباب السعودي قابلاً للمحاكاة والتكرار والنجاح في عالم الأعمال والتجارة، بعد أن استطاع أن يتحول من بائع متجول على «وانيت» إلى مؤسس شركة ذائعة الصيت ومالكة لعلامة مسجّلة في أمريكا وأوروبا، وتمتلك فروعاً في 33 مدينة، تغطي ربوع المملكة، وتمددت فروعها إلى خارج الحدود، وتنتج أكثر من 152 سلعة من الصناعات الغذائية. كما جسّد الدباس نموذجاً للوفاء والبر، حين اعترف لشباب وشابات الأعمال الذين حرصوا على حضور اللقاء الذي استضافته لجنة شباب الأعمال بغرفة الرياض مساء أمس الأول بأن «والدته» العصامية التي حضرت اللقاء هي التي خططت وشجعت ورسمت خريطة الطريق لبناء ونجاح هذه الشركة، بل قدمت من مالها «70 ألف ريال»؛ ليكون نواة للشركة؛ وهو ما جعل القاعة تضج بالتصفيق طويلاً تقديراً للأم المكافحة، وللابن البار، ولشقيقيه، شركاء المشروع. ثم ضجت القاعة بالتصفيق مرة أخرى حينما استمعت للأم «سيدة أعمال الظل» وهي تقول بعفوية نادرة إنها لم تكن تبحث عن التجارة، وإنما كانت تريد أن تحفظ أبناءها مما يفسد الشباب، وأن تضعهم على طريق الخير والصلاح. وخلال اللقاء أجاب الدباس عن السؤال المهم: كيف تحولت «باجة» من مؤسسة صغيرة إلى شركة كبرى، تدرس حالياً منح حق الامتياز التجاري «الفرنشايز» للشباب والراغبين؟ وكيف ضحى بوظيفة الهندسة ليواصل عمله في مشروع «باجة»؟ وحرص الدباس على أن يروي للشباب قصة تطور «باجة»؛ إذ عرض لقطة لسيارة «وانيت»، تتجول حاملة بعض منتجات «اللب/ الفصفص» والحبوب. وهنا كانت البداية؛ إذ أشارت والدته عليه بأن يستأجر «محلاً» اتقاء لشمس الصيف وأمطار وبرد الشتاء، ثم قدمت 70 ألف ريال دعماً لنواة المشروع! وقال إن نجاح المشروع يتطلب تبني صاحبه بعض الاستراتيجيات التي تساعده على التوسع والثبات والنجاح، وفي مقدمتها استراتيجية الميزة التنافسية، وأن يبحث عما يميزه عن الآخرين بعيداً عن التقليد، وأن يكون لديه سياسات تنظيمية وكوادر قيادية، وأن يتبع استراتيجية الارتقاء من المستوى الشعبي إلى الاحترافي، وتطوير المنتجات، وارتياد المعارض المحلية والخارجية للتعرف على الأفكار الجديدة والاحتكاك بعالم القمة الصناعية والتجارية والتسويقية، كما أن عليه أن يكون مستعداً لاتخاذ قرارات صعبة وجريئة. وقدم الضيف مجموعة نصائح لشباب الأعمال، وأشاد ببيئة العمل في المملكة، ووصف السوق السعودية بأنها من أفضل الأسواق الخليجية من ناحية بيئة العمل والاستثمار. ومع اعترافه بصعوبات الحصول على الرخص البلدية إلا أنه قال إنها لا تقارن بحجم الصعوبات في بعض الأسواق الخليجية الأكثر تعقيداً وصعوبة، لافتاً إلى اعتبار صعوبة الإجراءات كأزمة ينبغي التعامل معها بروية. وكشف عن سر اختيار اسم «باجة» للشركة، بقوله إنه مجرد اسم لمدينة تونسية، ولا يحمل أي مدلول، لكنه كان مجرد محاولة للتخلص من تعقيدات اختيار الاسم من قِبل البلدية، بعد رفضها أسماء عدة.