شدد مختصون، على ضرورة فتح تحقيق أوسع في قضية «مجموعة المعجل» وضم جميع الأطراف سواء مجلس الإدارة بأعضائه أو المراجعين والمحاسبين القانونيين أو المستشار المالي للشركة، باعتبار أنها لن تكون القضية الأخيرة في سوق المال السعودي. وقالوا ل«الجزيرة» إن تتبع وزارة التجارة والصناعة لأخطاء الشركات وتحويلها إلى هيئة السوق المالية تعتبر من الخطوات الإيجابية، ولكن الأهم من ذلك التركيز منذ البداية قبل دخول الشركات إلى سوق المال على استمرارية الشركات المتقدمة بطلب الاكتتاب العام، والتأكد من جدوى فرصها الاستثمارية على المدى القصير والمتوسط والبعيد. وقال عضو مجلس الشورى خليفة بن أحمد الدوسري ل»الجزيرة»: من الضروري جداً متابعة جميع شركات المساهمات العامة في السوق المالية بدون استثناء، ومن جميع الجوانب وعدم الاعتماد فقط على المحاسبيين القانونيين للشركات، بالإضافة إلى أهمية وجود كوادر متخصصة في الجهات المعنية لمتابعة أوضاع الشركات، أي أن يكونوا على دراية كاملة بالأمور التجارية والصناعية والمحاسبية. وأكد الدوسري، أن خطوة وزارة التجارة في تتبع أخطاء الشركات وتحويلها إلى هيئة السوق المالية تعتبر من الخطوات الإيجابية، ولكن الأهم من ذلك التركيز منذ البداية قبل الدخول إلى سوق المال على استمرارية الشركات المتقدمة بطلب الاكتتاب العام والتأكد من جدوى فرصها الاستثمارية وليس فقط التأكد من ربحيتها لمدة ثلاثة أعوام قبل الطرح للاكتتاب العام، إلى جانب التركيز على متابعتها للتطورات العالمية والمحلية في نفس المجال التي تعمل به. وقال: «التحقق من الجدوى الاستثمارية للشركات على المدى القصير والمتوسط والبعيد أمر في غاية الأهمية، بالإضافة إلى التحقق من قدرة الشركات التي ترغب في طرح أسهمها للاكتتاب العام على مواجهة المتغيرات العالمية وتأثير ذلك عليها، كارتفاع أو انخفاض أسعار النفط، إلى جانب ظهور المنافسين في مجال الشركة ذاته وقدرتها على تحقيق الأرباح في ظل وجود هذا التنافس، حيث إن الجهات المعنية في اعتقادي أغفلت هذا الجانب وهو أمر مهم وضروري، كي لا يحدث خسائر للشركات المساهمة، ومن ثم وقوع الضرر على المساهمين والمستثمرين، وعلى سبيل المثال شركة تعمل في مجال تصنيع علاج للصداع ولديها أرباح كبيرة في بداية عملها ومن ثم طرحت أسهمها للاكتتاب العام، ومع مرور الوقت جاء عدد من المنافسين في نفس المجال فتناقصت أرباح الشركة تدريجيا إلى أن تحولت إلى خسائر وهي في الوقت ذاته تتلاعب في حساباتها كي تبين أن ليس لديها أية خسائر، وفي نهاية المطاف تم التدقيق عليها وكشف تلاعبها، وأصبحت الخسارة الكبيرة على المساهمين.» من جهته أكد الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن السلطان، ضرورة فتح تحقيق أوسع في قضية مجموعة المعجل يشمل جميع الأطراف سواء مجلس الإدارة بأعضائه أو المراجعين المحاسبين القانونيين أو المستشار المالي للشركة، وذلك لكون هذه القضية لن تكون الأخيرة في سوق المال السعودي. وبيّن الدكتور السلطان، أن هناك عدداً من الإجراءات الحاسمة اللازم اتخاذها سريعاً لاستعادة الثقة في نتائج شركاتنا المالية وفي مستوى الرقابة في سوقنا المالية، والتي يأتي على رأسها التحقيق في دور مراجع الحسابات الخارجي، الذي إن ثبتت إدانته فيجب أن يتحمل مع الإدارة التنفيذية للشركة كامل الخسائر التي تعرض لها حملة أسهم الشركة جراء ذلك، كذلك يجب استعادة المكافآت التي قد يحصل عليها كبار التنفيذيين في الشركات محل المشكلة، كونها غير مستحقة في ظل الأداء المالي الحقيقي للشركة، مع إجبارهم على الاستقالة أو إقالتهم إن لم يبادروا بالقيام بذلك، كما يجب على هيئة السوق المالية إلغاء كافة صفقات التداول التي تمت على أسهم الشركات محل المشكلة، فهناك مؤشرات قوية على أنه قد تكون هناك تداولات تمت بناء على معلومات داخلية، ومحاسبة من يكون نافذاً وفعل ذلك سواء في الإدارة التنفيذية أو في مجلس الإدارة. وقال السلطان إن دور هيئة سوق المال الرقابي ما زال ضعيفا، فاستمرار الفوضى في تحديد علاوات الإصدار سيؤثر بقوة في مصداقية سوقنا المالية ويزيد من مخاطرها خاصة في ظل التسابق المحموم لطرح مئات الشركات خلال المرحلة المقبلة، فملاكها سيسعون إلى تمرير أكبر علاوة إصدار ممكنة، بعد أن لمسوا المكاسب المالية الهائلة التي قد تعادل عشرات أضعاف القيمة الفعلية لشركاتهم والتي يمكن تحقيقها من مجرد طرح 30 بالمئة من أسهم شركاتهم بعلاوة إصدار متضخمة، فكل ما تحتاج إليه مستشار مالي يجمل نتائجك المالية، وصناديق استثمارية تدار بعقلية صغار المضاربين اهتمامها مقصور فقط على السعر المتوقع للسهم في أول يوم تداول، لذا فهي توافق على الاكتتاب بأي علاوة إصدار تقترحها دون تردد، طالما أن السعر المتوقع للتداول يزيد على سعر الاكتتاب.. وفي نهاية المطاف نجد الأخطاء والشركات الخاسرة، الأمر الذي سيحول سوقنا المالية إلى محرقة لشركاتنا التي قد تكون تعمل بمستوى مقبول من الأداء قبل إدراجها، إلا أن إدراجها في السوق بقيم مبالغ فيها يفقد مؤسسيها أي حافز للاحتفاظ بأسهمها، ويجعلهم يبادرون إلى بيع ما بقي في أيديهم من أسهم حال انتهاء فترة الحظر عليهم البالغ مدتها ستة أشهر، ليصبح بعدها معظم حملة أسهم الشركة مضاربين غير معنيين بمستقبل الشركة ولا بحقيقة أدائها، ما يتسبب في تدهور سريع في ربحيتها، كذلك هناك أمر آخر خطير يترتب على هذا الوضع، وهو أن هذه الشركات ستكون مجرد إضافة إلى قائمة الشركات المتعثرة ومتدنية الأداء في السوق، ما يرفع من مخاطر الاستثمار في سوقنا المالية ويجعلها عرضة لتراجع حاد عند أي بادرة تغير في الواقع الاقتصادي، ملحقاً بالغ الضرر بالمستثمرين حتى وإن كانت استثماراتهم بعيدة عن هذه الشركات، ما يفقد السوق مصداقيتها ومناسبتها كمكان آمن لتنمية المدخرات.» وأضاف: «للخروج من هذه الإشكالية فإنه يجب أن يحظر على الصناديق بيع ما يخصص لهم من أسهم قبل مضي ستة أشهر من بدء التداول تماما كما هو الحال بالنسبة للمؤسسين، باعتبار أن هذه الصناديق مناط بها الآن مسؤولية ضمان عدالة علاوة الإصدار المقترحة من الشركة، والمفترض، وفق طريقة بناء سجل الأوامر، أنها مقتنعة تماماً بأداء الشركة المالي وتقدم عروضها بدوافع استثمارية لا بغرض المضاربة وتدوير السهم في اليوم الأول للتداول والخروج منه، دون تحمل أي مسؤولية أو مخاطرة لقاء ما تتسبب فيه من تمرير لعلاوات إصدار متضخمة، فعدم تمكن هذه الصناديق من البيع قبل مضي ستة أشهر سيدخلها في منافسة مباشرة مع مؤسسي الشركة في حال رغبتهم في بيع ما تبقى في أيديهم من أسهم بعد انتهاء فترة الحظر، ما سيجعلها تحجم عن المغامرة في اكتتاب شركة تعلم يقينا أن هناك مبالغة كبيرة في تقييمها، وبالتالي هناك دوافع قوية لدى المؤسسين للتخارج من أسهمها بعد انتهاء فترة الحظر مباشرة، وسترتفع المخاطر عليها مع ارتفاع حدة المبالغة في علاوة الإصدار، أما عندما يكون هناك تقييم عادل لعلاوة الإصدار فإن الحافز لدى المؤسسين للتخارج سيكون محدوداً وبالتالي لن تكون هناك مخاطر على الصناديق من هذا الاستثمار، ما سيزيد من فرص نجاح طريقة بناء سجل الأوامر في توفير تقييم عادل للشركات الراغبة في الطرح في سوقنا المالية، ويضع حدا لهذا التضخيم المبالغ فيه في علاوات الإصدار، وعندها سنرى إن كانت الصناديق ستتسابق لتغطية أي اكتتاب يطرح، ومهما ارتفعت علاوة الإصدار، بأضعاف قيمته وبالحد الأعلى للسعر المقترح ويتم كل ذلك في خمسة أيام عمل فقط. وكان عدد من الخبراء الاقتصاديين، قد وصفوا أمس خلال حديثهم ل»الجزيرة» خطوة هيئة السوق المالية برفع دعوى قضائية ضد مجموعة المعجل بالإيجابية على السوق السعودي، وستدفع إلى مزيد من الالتزام بالنسبة لإدارات الشركات الحالية في السوق والشركات التي ستطرح للاكتتاب مستقبلاً، مؤكدين أن خطوة هيئة سوق المال ستمثل جرس إنذار بالنسبة للمحاسبين والمراجعين الماليين، خاصة وأن الإعلان يحدد المسؤولية ويحمل وزارة التجارة ممثلة في نظام المحاسبين القانونيين مسؤوليته تجاه ذلك، بالإضافة إلى أنها ستعطي جرعة من الثقة للمتداولين والمساهمين في جميع تلك الشركات بالنسبة لحرص الهيئة على تلك الحقوق، حيث تعود تفاصيل القضية إلى غموض واختلافات جوهرية في القوائم المالية الأولى، إلى جانب سوء تصرف أعضاء مجلس الإدارة وتعاطيهم مع الخسائر المتراكمة، فضلاً عن أن المكاتب المحاسبية المعنية بالتدقيق في القوائم المالية تكون تحت ضغط أعضاء مجلس إدارة الشركة، ما يؤثر حتماً على صحة ودقة المعلومات المرفقة بالقوائم المالية، إذ أصدر مجلس الهيئة مؤخراً، قراراً برفع دعوى لدى لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية ضد أعضاء مجلس إدارة شركة مجموعة محمد المعجل أثناء مرحلة الاكتتاب في أسهمها، وبعض كبار التنفيذيين والمحاسبين القانونيين للشركة خلال الفترة من 2008 حتى 2011 لمخالفتهم نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية، ولإثبات المسؤولية عن تعويض الأشخاص المتضررين من شراء الورقة المالية محل المخالفات، حيث شكلت هذه الخطوة بارقة أمل بدأت تلوح أمام حملة أسهم الشركة الموقوف تداول أسهمها في السوق المالية السعودية بسبب خسائرها المالية المتراكمة، وذلك بتمكينهم من عودة أموالهم العالقة. وأوضحت الهيئة حينها، استمرار التحقيق مع أطراف أخرى في المخالفات ذات الصلة، وإحالة المخالفات ذات العلاقة بنظام الشركات ونظام المحاسبين القانونيين إلى وزارة التجارة، مشددة على أهمية التزام أعضاء مجالس إدارات الشركات المدرجة في السوق المالية، وكبار تنفيذييها، والمراجعين القانونيين لحساباتها بنظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية.