كتب الأستاذ محمد آل الشيخ عبر زاويته الشهيرة (شيء من) مقالاً في العدد رقم 15377 بعنوان: «لولا التعصب وش خانة الكورة» تحدث في مقالته الانطباعية عن «التعصب الرياضي» بعيداً عن القياس العلمي وخصائصه، قائلاً: إنه ملح الكرة وسبب من أسباب تفوقنا فيها وتطور الكرة السعودية، زاعماً أنه كلما زاد التعصب للنادي زادت النشوة بانتصاراته وشعر داعموه بلذة أكبر لإنجازاته.. مطالباً بترك المثاليات وتصنّعها في المجتمع الرياضي، ومؤيّداً - بذات الوقت - وجود التعصب الذي يعتبره البعض معيباً.. غلخ، وتعليقاً على ما تناوله آل الشيخ أقول ومن نافلة القول التعصب المقبول والمعقول مطلوب إذا لم يخرج عن إطار الذوق العام وعن قواعد الضبط الأخلاقي والديني والاجتماعي وهذا المظهر من مظاهر التعصب الرياضي في قالبه المتزن حاضر بكامل لياقته الذوقية والقيمية في (بعض) الدول الأوروبية ومنها ألمانيا بطلة كأس العالم 2014، وفي رياضية شرق آسيا أيضاً وتحديداً في اليابان وكوريا الجنوبية، وهذه المجتمعات الواعية تكرّس روح المنافسة الرياضية الشريفة والتشجيع الكروي بوعي وذوق بعيداً عن الممارسات الرخيصة والتجاوزات المناهضة للقيم والمعايير الأخلاقية. وجمال الوعي الرياضي بالذات عند اليابانيين والكوريين الذين واصلوا حضورهم البهي «آسيوياً» بتأهل منتخبيهما لمونديال كأس العالم خمس مرات على التوالي خلال العقدين الأخيرين بفن التخطيط الإستراتيجي والرؤية الاستشرافية المدعومة بإعلام واعٍ يساهم في تشكيل رأي عام رياضي مستنير وتنوير المجتمع الكروي بقيم الانتماء الرياضي وروح المنافسة الشريفة.. ومن هذه الاتجاهات النبيلة التي تستحق الإعجاب بعيداً عن التعصب المقيت وإرهاصاته.. قيام مشجعي البلدين بعد نهاية كل مباراة بتنظيف مدرجاتهم بوعي مجتمعي.. وحس قيمي.. وأخلاق رياضية حتى مع مرارة الخسارة بعيداً عن لغة التعصب المقيت الذي يهدم الفكر ويمزّق القيم ويعيق الحركة التنموية الرياضية، في الوقت الذي غابت فيه الكرة السعودية عن المنافسة الآسيوية والمونديالية أكثر من عقد ونيف من الزمن.. فيا ترى ماذا جنينا من (التطرف الرياضي) الخارج عن دائرة الضبط الأخلاقي والديني والاجتماعي ومن بضاعته الفاسدة..؟! بالتأكيد لم نجن إلا مزيداً من الصراعات والمنازعات والاحتقان وتأجيج الرأي العام الرياضي والمشاحنات والغوغائية التي ألقت بظلالها على تراجع الكرة السعودية وتخلفنالرياضي وبشهادة التصنيف العالميfifA الذي وضع المنتخب السعودي في ترتيب تجاوز ال90 متراجعاً ومتدحرجاً بصورة تجعلنا نوجه أصابع الاتهام إلى التعصب الرياضي الطاغي في مجتمعنا الكروي والإعلامي.. الذي شكل - مع الأسف - معوقاً من معوقات التنمية الرياضية، وبعيداً عن انطباعات الكاتب الأستاذ محمد آل الشيخ.. فقد أظهرت نتائج الأبحاث الاجتماعية والنفسية التي تناولت ظاهرة التعصب الرياضي من منظور سوسيولوجي وسيكولوجي.. ومنها رسالة ماجستير من جامعة الملك سعود « لكاتب السطور» تناولت هذا المرض الفكري البغيض وآثاره الاجتماعية والنفسية والصحية والأمنية على الفرد والأسرة والمجتمع بوجه عام.. إن التعصب المقيت - كمشكلة نفسية اجتماعية - داء يصيب مرتكبيه بالكراهية العمياء ويفقد صاحبه توازنه النفسي والعصبي والاجتماعي والعاطفي، وبالتالي يؤدي إلى شيوع ثقافة الإقصاء والتشدد والعنف والتطرف والإرهاب الرياضي، وانتشار الكره والأحقاد والعدوان وإثارة الشغب داخل النسيج الاجتماعي والعبث بممتلكاته ومكتسباته، ولذلك أضحى التعصب الرياضي المقيت مرضاً فتاكاً يهدّد البناء الاجتماعي وجميع وظائفه إذا اتسعت دائرته المظلمة، واستشهد هنا بأكبر كارثة إنسانية رياضية في العالم العربي حدثت بسبب التعصب الرياضي السرطاني وهي حادثة شهدت اشتباكات وأعمال شغب وقتل متعمد في إستاد بور سعيد المصرية بعد نهاية مباراة الأهلي مع الفريق المصري عام 2012م، وراح ضحية تلك المباراة الشهيرة بأحداثها المأساوية أكثر من 73 مشجعاً ومئات المصابين (طبقاً لتقرير مديرية الشؤون الصحية في بور سعيد)، فهل نعتبر التعصب الكروي بمثالبه العدائية وأمراضه الفكرية وأسقامه الاجتماعية ومشاكله النفسية المعقدة.. ظاهرة صحية لبقاء وتطور وتقدّم الأندية الرياضية..؟! كما يقول الكاتب الأستاذ محمد آل الشيخ في مقالته الانطباعية..!!