على الرغم من جذورها الضاربة في أعماق تاريخ وتراث المجتمع السعودي، ورسوخها في ثقافته ووجدانه، لكونها جزءاً أساسياً من مكوناته، دخلت المسؤولية الاجتماعية منعطفاً جديداً منذ إعلان جائزة الأمير مقرن بن عبدالعزيز للمسؤولية الاجتماعية في منتصف رمضان الماضي، كأول بادرة من نوعها في المنطقة بأسرها، وهذا يعزز من هذا السلوك ويرتقي بمستواه فهماً وثقافة وممارسة، ويكرس مفاهيم عميقة لبروز مبادرات تخدم المجتمع بشكل مستدام وشامل. ويجيء تشكيل لجنة الجائزة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن مقرن بن عبدالعزيز استكمالاً لآلية تنفيذ قرار سمو الأمير مقرن بهذا الشأن كخطوة مهمة ومتقدمة تجاه تجسيد أهداف الجائزة ومراميها على أرض الواقع، حيث تضطلع اللجنة بوضع معايير الترشيح، ونظام الجائزة وكل ما يتعلق بها بالتنسيق مع الأمانة العامة للجائزة، كما أن إسناد رئاسة اللجنة لسمو الأمير منصور بن مقرن فيه دلالة إضافية على الأهمية التي يوليها صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين للمسؤولية الاجتماعية والمكانة التي يحظى بها هذا الجانب لدى سموه الكريم. هذه الجائزة هي الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، من حيث التخصص والمستوى والقيمة المعنوية، ويزيد من أهميتها ومكانتها أنها تحمل اسم الأمير مقرن الرجل الثالث في الدولة، وهذا دليل على أن المسؤولية الاجتماعية في المملكة حققت تقدماً كبيراً وحازت مكانة خاصة لدى ولاة الأمر، وأن الأيام المقبلة مبشرة وواعدة بالمزيد من التطور والتقدم لهذا الجانب من العمل الإنساني الاجتماعي المتنامي. ولا شك أن الجائزة بهذا المستوى من الاهتمام ستؤسس لترسيخ ثقافة جديدة للمسؤولية الاجتماعية استرشاداً بآراء وأفكار صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن مقرن رئيس لجنة الجائزة، مما يوحي بأن المسؤولية مقبلة على نقلة كبيرة تواكب المفاهيم العالمية وتلبي تطلعات ولاة الأمر وتستجيب لحاجات المجتمع. ولعل وقوف عدد من الأسماء خلف هذه الجائزة سيعزز من مكانتها حيث لا يألون جهداً لكي تكون بالمستوى المشرف والمتوقع خاصة رجل الأعمال الشيخ شرف الحريري الذي له باع طويل في مجال المسؤولية الاجتماعية والشواهد كثيرة على ذلك. جائزة الأمير مقرن بن عبدالعزيز للمسؤولية الاجتماعية تعتبرحافزاً للمؤسسات والشركات ورجال الأعمال لبذل المزيد من الجهد والتوسع في هذا المجال، وستجعل من مبدأ المسؤولية الاجتماعية ميداناً للتنافس الشريف الذي يصب في رصيد تطوير المفاهيم وتوسيع قاعدة المسؤولية الاجتماعية. إن رعاية الدولة ممثلة بسمو ولي ولي العهد للمسؤولية الاجتماعية تعزز تنمية مفاهيمها الواقعية وهذا يجعلها تضيف لبنات جديدة للتنمية المستدامة، وتتجه نحو بوصلة إثراء القيمة البشرية والاجتماعية، وهذا التوجه يحمي رأس مال الشركات على المدى البعيد، ويجسد التوازن بين تطبيق برامج المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات وتنفيذ الإستراتيجية الخاصة بها. دخول الحيز العملي لتنفيذ رؤية الأمير مقرن وتجسيد أهداف جائزة سموه للمسؤولية الاجتماعية يمثل خطوة مهمة لاستنهاض دور الإعلام ليواكب هذه النقلة مفهوماً وممارسة، لإبراز الميزات الناتجة عن الالتزام بهذا المبدأ في القطاعين العام والخاص، وإبراز الجهات الرائدة في هذا المضمار، مما يشكل حافزاً إضافياً للشركات والمؤسسات لتفعيل برامجها الاجتماعية بما يتواكب مع النقلة المرتقبة، ويحاكي المفاهيم العالمية في هذا الجانب.