يا لروعة تلك الأمثال والأشعار التي تشحذ الهمم وتحفّز النفوس للسباق والتنافس نحو العلياء، ويا لجمال آيات القرآن المجيد والسنة النبوية التي تؤكّد على إذكاء التنافس وضرورة اغتنام الفرص، ومن ذلك: إِذا هَبَّتْ رِياحُكَ فَاغْتَنِمْها.. فَعُقْبَى كُلِّ خافِقَة ٍ سُكُوْنُ ولا تغفل عن الإحسان فيها.. فلا تدري السكونُ متى يكونُ وفي القرآن الكريم آيات تحثك على السباق نحو {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ..}، {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ..} وفي الحديث: «بادروا بالأعمال..». ومن الفرص التي لا تعوّض وتستحق أن تنضم إلى الاشتراك في بطولتها ومسابقتها؛ عشر ذي الحجة، فقد قال عنها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ». ويقارن ابن تيمية بين عشر ذي الحجة وليالي القدر أيهما أفضل فيقول: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة». هذه المواسم جاءت رحمة من الله بنا، فهي محدودة لكن فضلها أوسع وأعظم؛ فهو تعويض لنا عن قصر أعمارنا، ففي الحديث أعمار أمتي بين الستين والسبعين، وتروي كتب التاريخ أن نوحاً عليه السلام رأى امرأة تبكي, فسألها لماذا تبكين؟ قالت: توفي ابني وهو صغير، فسألها نوح عن عمر ابنها، قالت: 300 سنة!! فرد عليها نوح بقصد التخفيف عن حزنها: فماذا سوف تفعلين لو عشتِ في أمة أعمارهم لا تتجاوز الستين؟ قالت: والله لو عشت معهم لجعلتها لله سجدة واحدة!! فمن رحمة الله أن أعطانا أوقاتاً وأعمالاً كي نضاعف بها أرصدت حسناتنا.. وتتعدد الأعمال التي تقرّبنا إلى الله في هذه العشر، من صلاة وصيام وصدقة وقراءة للقرآن وذكر الله، فكل يعمل على قدر استطاعته ووفق قدراته، لكن الأهم ألا نترك فضل هذه الأيام ونستبدلها بالأسوأ! فالعاقل يغتنم الفرص، ويزيد حسناته فالآخرة خير وأبقى.