حذّر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة، من خطورة «داعش» على المنطقة والعالم، وقال، موضحًا أسباب مشاركة القوات الجويَّة الملكية السعوديَّة في التحالف الدولي لضرب مكامن الإرهاب في سورياوالعراق: إن الأحداث الصاخبة التي تجتاح معظم أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك ما يسمى ب»الدولة الإسلاميَّة»، التي هي ليست بدولة ولا إسلاميَّة، ابتليت بها منطقتنا التي يتربع في مركزها المملكة، باعتبارها مهد الإسلام، فصارت هذه الحركات الإرهابيَّة ثعبانًا يُهدِّد المملكة بقدر ما يُهدِّد بقية العالم إن لم يكن أكثر. ولفت الأمير محمد بن نواف إلى ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز، في كلمته للسفراء المعتمدين لدى المملكة مؤخرًا «لا بد من محاربة هذا الشرير بالقوة وبالعقل وبالسرعة»، وبما أكَّده وزير الخارجيَّة الأمير سعود الفيصل في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب في نيويورك الثلاثاء المنصرم في قوله «وأمام هذه الحقائق الخطيرة، فنحن اليوم مطالبون باتِّخاذ السياسات والقرارات المصيرية والحازمة لمواجهة هذه الهجمة الشرسة بكلِّ قوة وحزم، والتحرك الجاد والسريع أخذًا في الاعتبار عنصر الوقت ومغبة التخاذل». وأكَّد الأمير محمد بن نواف في مقالة كتبها بصحيفة «التايمز» البريطانية أن المملكة اتخذت عدَّة خطوات بشأن القضاء على الإرهاب، انطلقت منذ يوم الثلاثاء الماضي بانضمام القوات الجويَّة الملكية السعوديَّة للعملية العسكرية الدوليَّة ضد مجموعات إرهابية في سوريا، وقال «إن قرار مشاركتنا في الضربات الجويَّة ضد «داعش» في سوريا، يدل على عزمنا المستمر لتدمير أيّ شكل من أشكال الإرهاب، ويبرهن التزامنا بالوقوف جنبًا إلى جنب مع الأصدقاء والشركاء في المنطقة والغرب، كما وقفنا قبل وأثناء هجوم صدام حسين على الكويت، ونحن نعول على المملكة المتحدة كونها أحد الشركاء المؤيدين لتدمير هذا الشر، الذي يهددنا جميعًا». وأضاف سموه: يعمل التحالف الدولي المؤلف من 40 دولة على هزيمة الشبكات الإرهابيَّة، وقيادة المملكة وشعبها يدركون يقينا مخاطر وآثار الإرهاب الدولي، فالمعركة التي نحن نشرع فيها جماعيًّا تتطلب وقتًا والتزامًا من الجميع، فالعمل العسكري وحده لا يكفي، إِذْ يجب أن تشمل أية خطة دوليَّة إستراتيجية طويلة الأجل، تأخذ بعين الاعتبار الأسباب الجذرية للمشكلة وعواقبها.. عندها تَتهيَّأ لنا الفرصة لمحق هذا الشر. وكشف سموه أن القضاء على «داعش» ليس هو الهدف الوحيد، حيث قال: «محو داعش والقضاء عليه مُجرَّد خطوة واحدة مقابل أهداف أعم وأشمل، تتلخص في وضع حد لإراقة الدماء في سوريا، وإرساء حكومة شاملة ومستقلة غير طائفية في العراق، وتسوية عادلة لأوضاع الشعب الفلسطيني، الذي تُعدُّ محنته محورًا أساسيًّا في السياسة الخارجيَّة للمملكة، فالسَّلام العادل للفلسطينيين هو السبيل الوحيد للمضي قدمًا نحو الاستقرار. وأوضح سفير خادم الحرمين الشريفين في لندن أن المملكة مهد الإسلام، تُعدُّ مطمعًا لأولئك الإرهابيين، الذين يسعون جاهدين للسيطرة على الدين واستخدامه لأغراضهم الخاصَّة الخبيثة، وقال: ومن هؤلاء ما يعرف ب»الدولة الإسلاميَّة»، فهي جماعة منشقة تشكلت من مجموعة واسعة من المنتمين للقاعدة وفلول جيش صدام حسين المنحل والموظفين الذين يشتركون في موقف المعارضة ضد سياسات الطائفية والدكتاتورية التي انتهجها نظام نوري المالكي. ووصف سموه المعارك الطاحنة في سوريا ب»الحرب الأهلية»، في قوله: إن الحرب الأهلية في سوريا المضطربة، ووجود عناصر من داعش في العراق برئاسة الغرب، استفاد منها النظام السوري في جعل المجموعات الإرهابيَّة تقف ضد المعارضة المعتدلة في سوريا، وتجنيد المضللين والنساء والشباب من مختلف أنحاء العالم، إلى أن عادوا إلى العراق بهدف احتلال مناطق واسعة من البلاد، لتحقيق هدفهم المتمثل في إنشاء ما يسمى ب»الخلافة». وشن الأمير محمد بن نواف هجومًا لاذعًا على «داعش» وقال «هم ليسوا مسلمين، وليسوا من دولة واحدة أو مجموعة سياسيَّة محددة، وليس لديهم سبب يدعو أيّ إنسان عاقل أن يتعاطف معهم، فهم إرهابيون، مهمتهم الحقيقية هي القتل وارتكاب الجرائم البشعة ضد كل الذين يرفضون اتباع أيدلوجيتهم الملتوية». وعرض سموه ملامح من جهود المملكة في مكافحة الإرهاب، قائلاً: «بدأنا كفاحنا ضد الإرهاب سنة 1995م، بإعلان المملكة تنظيم القاعدة منظمة إرهابية، والآن انضمت «داعش» ضمن قائمة المنظمات الإرهابيَّة، فنحن مصممون على القضاء عليه بوسائل ماليَّة وعسكرية واجتماعيَّة هائلة ألقيت في مهمة مكافحة هذه الجماعات، فكانت النتيجة هزيمة القاعدة في المملكة، وتحقيق نجاحات كبيرة ضد شبكات إرهابية في بلدان أخرى، فأنا أدحض بشدة أيّ كلام يصرح أو يشير إلى أن المملكة تؤيد هؤلاء الأشرار من الناس، فنحن لم ولا ولن نؤيدهم إطلاقا». وأضاف سموه: المملكة تقف ضد كل إشكال للتعصب الديني، الذي يتحرك كالديدان في طريق يفضي إلى صراعات إقليميَّة، فنحن من وقت سابق، ومنذ بدء الحرب الأهلية في سوريا، حثنا المجتمع الدولي على التدخل ودعم المعارضة المعتدلة ذات المصداقية، للوقوف ضد آلة الحرب القاتلة التي يجر عربتها الأسد، ووضع حد لنظامه، وقد حذّرنا من ظهور معارضة راديكالية تجعلنا نأسف على عدم تحركنا.. وهذا ما حدث بالضبط. ووصف الأمير محمد بن نواف اتساع تحرك الإرهابيين بحرائق الغابات التي تندلع وتصل لمستوى تخرج فيه عن نطاق السيطرة «فهؤلاء الإرهابيون تنتشر حربهم الدموية في أنحاء العراق، وهم يوجِّهون عيونهم إلى هدف لن يصلوا إليه أبدا، وهو الوصول إلى المدينتين المقدستين مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وإقامة ما يسمى ب»الخلافة»، يحكمها رجل من اختيارهم ومواصفاتهم، بغية التبشير بنشر الشر في جميع أنحاء العالم الإسلامي». واستحضر سموه شواهد على ما تنعم به المملكة من أمن وأمان واستقرار وسط منطقة مضطربة بفضل ما تأسست عليه، حيث تأسست البلاد في أمة عاشت حقب زمنية مديدة مزَّقتها الصحراء والحروب القبلية، فتحولت إلى دولة حديثة موحدة مزدهرة، تمكن الملك عبد العزيز - طيَّب الله ثراه- من لم الشتات وتوطيد الأمن وإرساء قواعد الاستقرار للشعب وللمنطقة والعالم.