هناك برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث وما في حكمه من برامج ابتعاث تتبناها الجامعات والجهات الحكومية الأخرى، وهناك برنامج المنح الدراسية الداخلية لدعم الطلاب الدارسين بالكليات والجامعات الأهلية داخل المملكة، وجميعها تضاف إلى التعليم الجامعي المجاني بالجامعات السعودية. بالتركيز على برامج الابتعاث والمنح الدراسية، نجدها تشكل نقلة نوعية كبيرة في مسيرة التعليم العالي السعودي، ويأمل منها الإسهام الكبير في مخرجات التعليم العالي كماً ونوعاً.. لن أتحدث عن هذين البرنامجين، ولكن سأقترح برنامجاً مرادفاً يكملهما. هذا البرنامج هو برنامج تبادل الزيارات الدولية للطلاب الجامعيين بين الجامعات السعودية والجامعات الأجنبية. هذا البرنامج يقصد منه إتاحة الفرصة للطلاب السعوديين بالجامعات السعودية من قضاء فصل أو فصلين كحد أعلى بالجامعات الأجنبية بمختلف الدول، وذلك عبر الحصول على كورسات إختيارية بتلك الجامعات أو الحصول على تدريب تطبيقي مؤقت أو حتى بدعم اللغة الثانية لديهم أو إجراء أبحاث طلابية مشتركة. هذا البرنامج ليس مكلفاً مقارنة ببرامج الابتعاث التقليدية التي تسير وفق مسار واحد ألا وهو الحصول على الدرجات العلمية، بسبب قصره، ويمكن أن يخصص للمتفوقين والمتفوقات.. وسترحب به الجامعات الأجنبية، بالذات في حال جعله برنامجاً تبادلياً يتيح لتلك الجامعات إرسال بعض طلابها لفترات مماثلة قصيرة يتم قضاؤها بالجامعات السعودية. بعض الجامعات السعودية بدأت مثل ذلك على استحياء، لكن الغالبية مترددة لأسباب تنظيمية أو مالية أو اجتماعية، لذلك أرى أن تبادر وزارة التعليم العالي إلى تبني مثل هذا البرنامج بالتنسيق مع الملحقيات الثقافية وتضع له الأطر المالية والتنظيمية المناسبة.. أو أن تحث الجامعات على تأسيس مثل هذا البرنامج بكل جامعة. مثل هذا البرنامج نراه مهماً بالذات وبعض الجامعات لديها صعوبات في التدريب، كالتدريب الصحي أو يعاني خريجيها من حجج الجهات التوظيفية بأنه لا يوجد لديهم خبرات دولية. إضافة إلى كونه برنامجاً يصب في صالح أداء وسمعة الجامعة السعودية وتبنيها مفهوم التنوع وتبادل الثقافات المختلفة. والأهم زيادة مساحة الوعي والتنوع الثقافي للطلاب السعوديين. هذا البرنامج ستمتد فائدته لدعم برنامج الابتعاث القائم حالياً، حيث سيسهم في رفع مستوى وعي الطالب بنوعية الدراسة والثقافة في دولة قد يبتعث إليها لاحقاً وقد يسهم في تحسين مستواه الأكاديمي وسيرته الذاتية لدى الجهات الدراسية مما يسهل على حصوله على القبول الأكاديمي لاحقاً عندما يفكر الالتحاق بها للدراسات العليا. معروف بأن الجامعات الأجنبية في كثير من الدول المتقدمة تضع حسباناً كبيراً لتنوع خلفية الطالب الثقافية وكونه صاحب خبرة سابقة بثقافتها ومجتمعها. يمكن أن يكون البرنامج لطلاب المرحلة الأولى لدعم تعلم لغة ثانية أو المراحل الجامعية المتقدمة للحصول على كورسات إضافية أو تدريب تطبيقي كتدريب الإمتياز بالتخصصات الصحية. وليصبح تبادلياً كما أشرت أعلاه، يمكن حث الجامعات السعودية على تخصيص مواد دراسية يتاح فيها التسجيل للطلاب الأجانب، كمواد اختيارية. الخلاصة هي المطالبة بإكمال منظومة الابتعاث والمنح الداخلية والخارجية ببرنامج تبادل الزيارات الطلابية القصيرة للطلاب الجامعيين، سواء على مستوى البكالوريوس أو الدراسات العليا، في برامج دراسية أو بحثية أو تدريبية.