خمسة لقاءات رسمية فقط هي التي خاضها الهلال تحت قيادة مدربه الروماني ريجيكامب، فاز خلالها في ثلاثة لقاءات وتعادل في اثنين. وفي عُرف البدايات (الصَرْف) تظل هذه النتائج مقبولة وتصل إلى جيدة في الأحوال الطبيعية. ولكن (ريجي) حضر في مكان وزمان استثنائيين لن يمكناه من الاستمتاع برفاهية المستوى التصاعدي، وظهور البصمة مع الوقت. فالمكان هو نادي الهلال، ذلك النادي الذي لا يقبل أنصاره بغير الفوز في كل لقاء وفي كل ساحة. والزمان هو الأدوار النهائية من دوري أبطال آسيا، ذلك اللقب القاري الذي استعصى على الهلال لسنين طوال. ورغم أن النتائج ليست بذلك السوء، لكن ما يقلق أنصار الزعيم هو الوجه الفني الذي يظهره الفريق حالياً والذي يدق نواقيس خطر كبيرة في مسيرة الفريق آسيوياً على وجه الخصوص. فالهلال على مر تاريخه يعتبر من الفرق المهارية التي تمتع المشاهد وتحصد الانتصارات والبطولات في ذات التوقيت. وهو ما يمكن أن نطلق عليه (الإمتاع الإيجابي). ولذلك ترى هذه الصفات تنطبق على عناصره كماً ونوعاً. فالانضباط التكتيكي لا يعني رتابة الأداء أو سوء المستوى، فهو لا يتعارض بأي حال من الأحوال مع إمتاع الناظرين. هو بكل بساطة التزام تام بالخطة وتكتيك اللقاءات وأدوار عناصر الفريق، ومن ضمن أهم تلك الأدوار هو الجانب الإبداعي من مالكي المهارة وموهوبي الفريق. قلتها في مقالي السابق وأكررها الآن: (الهلال حالياً وفي هذه المرحلة من البطولة لا يعاني من شيء سوى قصر فترة المدرب الروماني ريجيكامب). فما بين ما يتم طلبه من اللاعبين، ونسبة نجاح تطبيقه أو تعذره يقف عامل الوقت واللقاءات الرسمية عائقاً في وجه (ريجي). ندرة الوصول إلى مرمى الخصوم غير المنكمشين في مناطقهم الخلفية هي نقطة غاية في الأهمية. فكلنا نعلم أن أمنية كل هلالي أن يقابل فريقاً يفتح لهم الملعب ليتسنى للهلال بسط نفوذه على اللقاء دون محاولة تفكيك ترسانات دفاعية لا تتزحزح من أماكنها. ما لمسناها في هذه اللقاءات القليلة الماضية، أن الهاجس الدفاعي لدى (ريجي) قد أخل بالتوازن المطلوب ما بين الهجوم والدفاع. فليس من المعقول أن يتم اللعب بمحور واحد فقط (كنهج هجومي على الورق) ويتم في ذات الوقت تكليف لاعبي وسط ذوي نزعة هجومية بالبقاء في المناطق الخلفية، ويتحول النهج للعب بثلاث محاور بدلاً من واحد على الورق، أو بمحورين كخيار إستراتيجي مختلف. في لقاء العين المقبل، يجب على الهلال التسجيل وبكثرة كما يجب عليه أن يحافظ على نظافة شباكه في ذات الوقت. ولضمان التسجيل يجب عليك الوصول لمرمى الخصم كثيراً بطرق مختلفة وتنويع كبير. فالخصم سيحاول الخروج بأقل الأضرار، وقد يلمس ذلك التردد في التقدم للأمام ويقوم بلدغ مرمى الهلال ليجعل المهمة خارج الأرض بالغة الصعوبة وملامسة لحدود الاستحالة. لم يكن الهلال (في تاريخه الحديث) أقرب لملامسة الكأس الآسيوية مما هو عليه الآن. وعدم توظيف العناصر بما يلائم قدراتها ومميزاتها، بل اكتشاف مواطن قوة إضافية فيها، سيحول الأمل الآسيوي إلى سراب. لذلك يجب على الهلاليين وعلى رأسهم (ريجي) أن يتعاملوا مع ما تبقى من مراحل البطولة بمبدأ (الفرصة الواحدة). فلا إفراط في ثقة ولا تفريط بما يمكن تحقيقه تحت ذريعة الحذر. وليكن لقاء الأهلي الدوري، لقاح بطولة ودرس ثمين يجب الاستفادة من كل تفاصيله الجيدة قبل السيئة. بالتوفيق لزعيم آسيا في استرجاع عرش زعامته المفقود منذ سنين ليست بالقصيرة على من هو في مكانته. خاتمة... ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام (المتنبي)