عقد المجلس التأسيسي أمس أول جلسة للنظر في مشروع قانون مكافحة الإرهاب وكانت قد توقفت بسبب اختلافات جوهرية بين القلة القليلة من النواب الحاضرين حول عنوان القانون.. بالرغم من أن مشروع القانون يعد من أهم وأوكد مشاريع القوانين المطروحة على أنظار المجلس ومن المنتظر المصادقة عليه قبل 24 أغسطس الجاري.. ويستغرب المتتبعون للشأن المحلي تعمد أكثر من نصف نواب المجلس التأسيسي التغيب عن الجلسة المخصصة لمناقشة أهم مشروع قانون يعرض هذا الصيف على أنظارهم حيث يرى البعض من المحللين السياسيين أن «استهتار» عدد كبير من النواب بمصير البلاد ومستقبل العباد أكبر دليل على أنانيتهم وسعيهم المحموم من أجل تحقيق مصالحهم الحزبية الضيقة.. فيما دعا بعض النشطاء الحقوقيين إلى «مساءلة هؤلاء المتغيبين والمقصرين في أداء واجبهم الوطني في وقت تحتاج فيه المجموعة الوطنية إلى الوقوف صفاً واحداً ضد تنامي ظاهرة الإرهاب وانتشار الجماعات المسلحة في الجبال والمدن على حد سواء». واللافت للانتباه أن الشارع التونسي الذي تنصب اهتماماته خلال هذه الأيام على إقامة الأفراح والسياحة الداخلية ومتابعة المهرجانات الصيفية، يعيش لا مبالاة كاملة تجاه أخبار نواب المجلس التأسيسي باعتبار خيبة أمله فيهم بعد ما سجلته جلسات التأسيسي من تجاذبات سياسية بين النواب. وحول أهمية هذا المشروع، قال نصر بن سلطانة رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل بأنه «من الضروري أن يكون لكلّ سياسة لمكافحة الإرهاب إطار تشريعي يمكن على أساسه تحديد طبيعة العدوّ ووسائل تحرّكه ومجالات نشاطه ومصادر تمويله والتعريف بالعمل الإرهابي بما يخوّل للمصالح الأمنية أوّلا بالتعامل مع هذا التهديد بكلّ مكوّناته وتمكين المؤسسة القضائية كذلك من الفصل قضائيا في القضايا المرتبطة بهذا الموضوع أو ما يمكّن النيابة العمومية من إثارة للأبحاث... كما أوضح أن» الأكيد أن تونس بما تعيشه اليوم من تطوّر لخطر الإرهاب في أمسّ الحاجة لأن يكون لها قانون خاص بمكافحة هذا التهديد يوازن بين متطلبات الأمن القومي وحماية حقوق الإنسان التي لا يجب أن تكون ذريعة للحدّ من آليات مكافحة هذه الظاهرة». كما بيّن رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل في تصريح صحفي، أن تونس مطالبة في ظلّ هذا الواقع بالإضافة إلى تبني هذا القانون الخاص بمكافحة الإرهاب بأن تجعل من هذا القانون جزءاً من استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب تأخذ بعين الاعتبار على غرار الجانب التشريعي جوانب أخرى من بينها المسائل الدينية والثقافية والاقتصادية والأمنية والقضائية والتعاون الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أهمية وجود إرادة سياسية واضحة تغلب المصلحة الوطنية على كل المصالح السياسية والأجندات الخارجية.