قد لا يكون اليخاندرو سابيلا مدخن سيجار ويضع الأقراط في أذنيه على غرار الأسطورة دييغو مارادونا الذي درب الأرجنتين في مونديال 2010، لكن بوصوله إلى نصف نهائي كأس العالم 2014 نجح، حيث فشل الآخرون في السنوات ال24 الأخيرة. أبرز ما قام به سابيلا مع الأرجنتين هو تعزيز موقع الموهبة ليونيل ميسي، فقبل وصوله في 2011، طرح أبناء البلد السؤال الشهير: كيف يتألق ميسي إلى هذا الحد الخرافي مع برشلونة الإسباني ولا يسحب براعته إلى منتخب بلاده؟ في التصفيات الأميركية الجنوبية سجّل «البعوضة» 10 أهداف في 14 مباراة وأعاد عقارب الساعة الأرجنتينية إلى مكانها الصحيح على الخارطة العالمية. صحيح أن سلفه مارادونا أعطى الكثير من الصلاحيات لميسي في مونديال 2010 عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، فشارك في معظم الأهداف لكن لم يهز الشباك كما النسخة الحالية، حيث سجّل أربع مرات في ثلاث مباريات ومنح تمريرة حاسمة لانخل دي ماريا سجّل فيها هدف الفوز على سويسرا في الدور الثاني. عندما تسلّم سابيلا المنتخب خلفاً لسيرخيو باتيستا، كانت المجموعة تملك طاقة رهيبة لكن ميسي بدا ضائعاً داخلها. شع نجم ميسي مجدداً مع سابيلا فمرر وسجل بعدما وضع المدرب الجديد كل التكتيك في خدمته. يقول سابيلا عن ميسي: «هو قائد الفريق والكل خلفه. هو حامل رايتنا ونقطة ثقلنا». وأضاف بعد الفوز الأخير على بلجيكا: «كل تحركاته ذكية، ويضع الفريق المنافس تحت الضغط كل ما سار بالكرة أو تحرك. ليست الأهداف وحدها التي تهمني، فهو لا يخسر الكرة أبدا ويخلق المساحات. هذا اللاعب مثل الماء في الصحراء. يجد الحلول عندما تعتقد أنها قد نفذت». ارتبط اسم سابيلا في الأرجنتين باستوديانتيس دي لابلاتا، أحد أندية الصف الثاني، ويتهمه البعض بتفضيل لاعبين من فريقه القديم على غرار الظهير الأيسر ماركوس روخو وفيديريكو فرنانديز. يملك شخصية قوية ولم يساوم في موضوع إقصاء كارلوس تيفيز برغم تألقه الكبير مع يوفنتوس الإيطالي الموسم الماضي، فلم يكترث لحملة إعادة الاباتشي إلى منتخب التانغو. عندما رست بورصة أسماء المدربين على سابيلا بعد خيبة باتيستا في كوبا أميركا 2011، تخلى عن تدريب الجزيرة الإماراتي، لكن لم يقتنع كثيرون بأنه الرجل المناسب لهذا المنصب. قال سيزار مينوتي مدرب المنتخب الفائز بلقب 1978: «لا أعرف لماذا تم اختياره. لا أعرف ما هو مشروعه». بعدها بثلاث سنوات، بدا أن تعيين سابيلا كان ضربة بالغة الذكاء من مسؤولي الاتحاد الأرجنتيني. تحت إشراف «أل ماغو» (الساحر)، وهو لقبه عندما كان لاعبا، تطورت الأرجنتين إلى فريق رائع فرض ثقله مجدداً على الساحة. جاءت النتائج بسرعة فألهب ميسي حماسة الجماهير بعدما وضعه سابيلا (59 عاماً) وراء سيرخيو اغويرو وغونزالو هيغواين، فقاد الأرجنتين لأول مرة في تاريخها إلى تحقيق 5 انتصارات متتالية في مونديال واحد ولو بفارق هدف بسيط في كل مباراة. استهل لاعب الوسط السابق مسيرته مع ريفر بلايت بين 1974 و1978 فطار بعدها الى شيفيلد يونايتد الإنكليزي، وآنذاك فضله هاري هاسلام مدرب شيفيلد على دييغو مارادونا بسبب ارتفاع ثمن الاخير. لم ينجح كثيراً بعدها في ليدز يونايتد فعاد إلى بلاده ليبقى خمس سنوات مع استوديانتيس. انتهت مسيرته بعد فترة قصيرة مع ايرابواتو المكسيكي في 1989 فانتقل إلى التدريب. عمل مساعداً لدانيال باساريلا لسنوات عديدة وكان ضمن الجهاز الفني لمونديال 1998 ثم التحق بباساريلا عندما أشرف الأخير على بارما، الأوروغواي، مونتيري المكسيكي وكورنثيانز البرازيلي. أصبح مدرباً حقيقياً في 2009 مع استوديانتيس فقاده إلى كأس ليبرتادوريس ولقب الدوري الختامي في 2010 فأصبح آنذاك مرشحاً قوياً لتولي مهام المنتخب الأول. يقول سابيلا الذي حصل على رشة مياه طريفة من مهاجمه ايزيكييل لافيتزي في المونديال الحالي سامحه عليها: «انزعج من أمرين: أن يصل الفريق الخصم بسهولة أمام دفاعنا والا نتمتعبقوة التسديد. الأصعب أن نحصل على لاعبين قادرين على صناعة الفرق في الأمتار الثلاثين الأخيرة. نحن نمتلكهم ويجب خلق التوازن بينهم». يضيف أحد أتباع كارلوس بيلاردو، المدرب الذي قاد الارجنتين الى لقب 1986: «أنا شخص متوازن وأحب الفرق المتوازنة». فاز خارج أرضه على البرازيل 4-3 في جولة الولاياتالمتحدة، ألمانيا 3-1 في فرانكفورت، وإيطاليا 2-1 في روما، وتبقى مواجهته اليوم مع هولندا على الأراضي البرازيلية ليكمل نشوته أمام المنتخبات الكبرى.