مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    اتحاد الغرف يطلق مبادرة قانونية للتوعية بأنظمة الاستثمار في المملكة والبرتغال    الاحتلال لا يعترف ب (الأونروا)    «الكونغرس» يختار الرئيس حال تعادل هاريس وترمب    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    النصر لا يخشى «العين»    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    المملكة ومولدوفا تعززان التعاون الثنائي    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    «حديقة السويدي» من ثقافة باكستان إلى الأسبوع اليمني    شتاء طنطورة يعود للعُلا    «الأسبوع العربي في اليونسكو».. ترسيخ المكانة الثقافية في المملكة    12 تخصصاً عصبياً يناقشه نخبة من العلماء والمتخصصين بالخبر.. الخميس    برعاية الأميرعبدالعزيز بن سعود.. انطلاق المؤتمر والمعرض الدولي الرابع لعمليات الإطفاء    ليلة الحسم    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    سلوكيات خاطئة في السينما    إعادة نشر !    «DNA» آخر في الأهلي    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    1800 شهيد فلسطيني في العملية البرية الإسرائيلية بغزة    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    رئيس الشورى يستقبل السفير الأمريكي    مسلسل حفريات الشوارع    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    تنوع تراثي    منظومة رقمية متطورة للقدية    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    في شهر ديسمبر المقبل.. مهرجان شتاء طنطورة يعود للعلا    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    ترمب وهاريس في مهمة حصاد جمع الأصوات    أمير تبوك يستقبل قنصل بنغلاديش    «تطوير المدينة» تستعرض التنمية المستدامة في القاهرة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى السبت المقبل    وزير الدفاع يستقبل نظيره العراقي ويوقّعان مذكرة تفاهم للتعاون العسكري    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    قائد القوات المشتركة يستقبل الشيخ السديس    الأمين العام للتحالف الإسلامي يستقبل وزير الدفاع العراقي        حرس الحدود بعسير يحبط تهريب 150 كلجم من القات    مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجتمع صمام الأمان مع رجال الأمن والمكافحة للوقاية
أئمة وخطباء الحدود الشمالية والحملة على المخدرات ومروجيها ومدمنيها (3-3)
نشر في الجزيرة يوم 13 - 06 - 2014

تواصل «الجزيرة» رصد حملة أئمة وخطباء الحدود الشمالية على المخدرات ومهربيها ومروجيها، واقتراح الحلول الناجعة للوقاية من هذه الأضرار. وطالبوا بتكاتف جميع أفراد المجتمع للوقاية منها، وعدم التستر على مدمن أو مهرب أو مروج مهما كان موقعه بين أفراد الأسرة، لأن الحل علاجه لا التستر عليه، وأكدوا على ضرورة أن تتكاتف جميع المؤسسات الدعوية والتربوية والإعلامية لمحاربة المخدرات.
دور المجتمع كله
ويشير الدكتور علي بن جريد العنزي إمام جامع التقوى بعرعر أن الشرع الكريم جاء بتحريم الخمر إذ هي تغطي العقل وتخامره، وتضر به وتهلكه وأجمع أهل الإسلام على أنه من المحرمات، بل من كبائر الذنوب ومن الأعمال الموبقة والأفعال المهلكة. فهي سبيل الشيطان وطريق الهوان، وهي خبيثة بل هي أم الخبائث وأس الشرور، يروي عبد الله بن عمر أن أبا بكر وعمر وناسا جلسوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا أعظم الكبائر، فلم يكن عندهم فيها علم فأرسلوني إلى عبد الله بن عمرو أسأله فأخبرني أن أعظم الكبائر شرب الخمر فأتيتهم فأخبرتهم فأكثروا ذلك ووثبوا إليه جميعا حتى أتوه في داره فأخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن ملكاً من ملوك بني إسرائيل أخذ رجلا فخيره بين أن يشرب الخمر أو يقتل نفساً أو يزني أو يأكل لحم خنزير أو يقتلوه فاختار الخمر وإنه لما شرب الخمر لم يمتنع من شيء أرادوه منه وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا حينئذ ما من أحد يشربها فتقبل له صلاة أربعين ليلة ولا يموت وفي مثانته منه شيء إلا حرمت بها عليه الجنة فإن مات في أربعين ليلة مات ميتة جاهلية رواه الطبراني بإسناد صحيح والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم وصححه الألباني. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}. ولشدة خطرها وعظم ضررها جاء التهديدُ العظيم والزجرُ الشديد عن شربها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم:» من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة» وقال: «من مات من أمتي وهو يشرب الخمر حرم الله عليه شربها في الجنة» ومدمن الخمر عليه الجنة حرام قال صلى الله عليه وسلم:» ثلاثة لا يدخلون الجنة أبداً الديوث والرجلة من النساء ومدمن الخمر» بل عباد الله لشدة تحريمها في الشريعة لعن الله شاربها أي طرده من رحمته وياشقاء وتعاسة من طرده الله عن رحمته، بل لم يقتصر اللعن على شاربها بل إلى كل من اتصل بها بسبب مؤثر، يقول عليه الصلاة والسلام:» لعن الله الخمر وشاربها وساقيها ومبتاعها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولةإليه» فهؤلاء ثمانية لعنوا في الخمر. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها وآكلُ ثمنها والمشتري لها والمشترى له. وفي أيامنا هذه خرج ما يسمى بالمخدرات تشارك الخمر في علة التحريم وهي السيطرة على العقل وتغطيته ولكن بشكل أكبر مع الضرر العظيم الذي زادت به على الخمر. فالمخدرات وباء خطير وضرر عظيم وشر مستطير سلط على هذه الأمة لإضعاف قوتها وضرب ساعدها وضياع شبابها وإنهاك خيراتها، عن طريق تسليط هذا الداء العضال على فئة الشباب الذين هم عماد الأمة وسبيل رفعتها، وسر نهضتها، وأساس قوتها. فذهبت شياطين الأنس لا كثرهم الله تنشر هذا البلاء، وراحت تبث ذاك الداء بين مجتمع الشباب وللأسف الشديد قد انجر وراءهم جمع من الشباب وعجباً والله كيف يسعى في جنون من عقل، فيا أيها الشاب كيف تقدم على أكل السم القاتل والداءِ المميت؟ أم كيف تتجرأ على أكل بلاء يسيطر على عقلك ويهيمن على تفكيرك فلا يجعلك تملك من أمرك شيئاً؟، وفي تاريخ المخدرات المشؤوم ما يوقظ الغافل وينبه المتغافل كم من أسرة فرقتها، وكم من حسرة جرتها، وكم من لوعة أورثتها، هي باب الفقر والمذلة والهوان فمن أراد ذاك فليلج باب المخدرات وليركب طريقها وبئس الطريق هو. لا نعمت عين جرت على أمتنا هذا البلاء، وفي قصص أرباب المخدرات واعظ وأي واعظ، وأيم الله إنه ليدمي القلب ويحزن الفؤاد، وكيف لا يكون وحطامها شبابنا ونارها المضرمة هم من بني جلدتنا. كم منهم من باع عرضَه من أجلها وكم منهم من أتى أمه أو أخته أو أحدَ محارمه بسببها والعياذ بالله، وكم من وجد ميتاً من جراء تأثيرها ليلقى ربها على معصية هي من أكبر المعاصي، فبئس ما ختم له. ويا بؤسه يوم يلقى ربه. حفظ الله أمتنا وشبابنا من كل سوء.
أصحاب السوء
ويؤكد د. علي الجريد أن المخدراتِ في أيامنا هذه قد انتشرت انتشاراً ذريعاً ودبت في أوساط الشباب، والواجب على الأب أن يراعي ابنه وأن يتقي الله تعالى فيه وليعلم أن الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» والابن من هذه الرعية التي يسأل عنها الاب فإن اتقى الله فيه أفلح ونجح وإلا خاب الأب وخسر. يقول عليه الصلاة والسلام:» ما من راع يسترعيه الله رعيه يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» فالواجب عليك أيها الأب أن تتق الله في ابنك وأن ترعاه رعاية تقيه بها ضرر أصحاب السوء، فأصحاب السوء هم السبب الأول في وقوع كل شاب في المخدرات، حينما يصاحب شرذمة تقوده إلى هوة المخدرات وتقذفه في غياهبها السحيقة ثم عليك بملاحظة ابنك ولا تجعل له الحبل على الغارب يصاحب من يشاء ويصادق من يريد، بل كن له موجها وناصحاً فإذا رأيت صديق السوء فانصح له وكرر النصح ولا تيأس وأرسل عليه من يثق به لينصح له، ولا تمشِّ الموضوع هكذا فربما كان ابنك أجارك الله فريسة لتجار المخدرات، ونهباً لمروجيها. فاجتهد وابذل السبب واعلم أن الله لا يخيب سعي من سعى صادقاً. ثم همسة بل صرخة في أذن كل مروج وداع إلى المخدرات: اتق الله واخش عقابه واعلم أن الله لكل مفسد بالمرصاد، ولن تفلت من أليم عقابه وشديد عذابه وإن لم يصبك في الدنيا ففي الآخرة عذاب شديد. وكيف تطمئن، أم كيف يهدأ لك بال، وأنت تفكك المجتمع وتفسد الأسر، وتجلبُ لها الهم وتقودُ لها المخاوف، وكيف ترضى لنفسك أن تكون معولَ هدم وأداةَ تدمير، وأينك من الدعوات التي تنهال عليك من أم فجعتها بابنها وربما كان عائلها الوحيد أو أب قد أنهكته الأمراض طالما انتظر ليجني ثمرة فؤاده، لكن قد امتدت يدك الآثمة فحالت بين الأب وثمرتِه، فأفسدت تلك الثمرة فما أظنه يقوم ويقعد إلا ولك نصيب موفور من دعاءه. فتب إلى ربك وارجع عن غيك وعد إلى رشدك فإن صدقت مع الله قبل توبتك ومحى حوبتك.
جنبنا الله وإياكم سبل الغواية وحفظ أبنائنا من كل سوء ومكروه، ثم صلوا وسلموا على خير البرية وأزكى البشرية نبيكم محمد بن عبدالله كما أمركم الله بذلك حيث قال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَليهِ وَسَلِّمُوا تَسْليماً}.
قصص مأساوية
ويقول الشيخ مشعان بن ثاني العنزي إمام جامع الراجحي بالعويقلية: لقد فجعنا وفرحنا في آن واحد مما أعلنته وزارة الداخلية عن أنه خلال شهري ذي القعدة وذي الحجة الماضيين فقط، تم القبض على ثلاثمائة وستين شخصاً تورطوا في تهريب المخدرات وترويجها في المجتمع (وليس التناول) وقدرت قيمة هذه المخدرات بثمانمائة وستة وستين مليون ريال، تشتمل على أطنان من الحشيش والهيروين، حمانا الله منها وهذه إحصائية لشهرين فقط، فكيف بالأشهر والسنوات التي سبقتها ؟ كل ثلاثة أشهر سيتم الإعلان عن تقارير ضبط المخدرات مهربيها، فهل نعي ونعلم كيف أن من حولنا يريد التربص بنا وبشبابنا!.
وأضاف: الأمر جد خطير، ونحن مستهدفون من حيث نعلم ومن حيث لانعلم. المخدرات من أخبث الخبائث، إذا وقع الإنسان فيها ضاع عقله، فإذا ضاع عقله ضاع كل ما يملك من ماله ودينه وبيته، ومع كل ذلك فقد أبي بعض التائهين إلا الانحطاط إلى درك الذلة والانحدار إلى المهانة والقلة، فأزالوا عقولهم معارضين بذلك العقل والشرع والجبلة، وذلك بتعاطي الخمور والمسكرات، والمفترات والمخدرات، هل تعلمون أن حبوب الكبتاجون وبعض المخدرات إذا استخدمها الإنسان فإنها تدمر خلايا في مخه، ولا يمكن استعادتها بالعلاج أبداً.
تكشف لنا مجريات المحاكمات في المحاكم، ونتائج التحقيق في وزارة الداخلية عمن باع عرضه لأجل المخدرات، وعمن أفلس من المال بسبب المخدرات، ومن انتحر، يموتون بسبب المخدرات في دورات المياه، وبعضهم يموت في وكره ولا يعلم عنه إلا بعد انتشار رائحته في المكان.. ضياع فساد.
وقال: الخمر أم الخبائث، والمخدرات أشد فتكاً بالإنسان وبعقله وبأهله من الخمر، ولذا ؛ فقد وفق الله العلماء وولاة الأمر في هذه البلاد إلى استصدار قرار شرعي بأن عقوبة مهرب المخدرات هو القتل {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (33) سورة المائدة.
وأضاف: هؤلاء قطاع الطرق إنما غاية أمرهم تهديد الأمن أو نهب الأموال، لكن من يفسدون الأخلاق ويدمرون كيان الأمة ويقضون على عقولها وأفكارها هؤلاء أولى أن يكونوا حرباً لله ورسوله، فلذلك استحقوا القتل، وعلينا بعد أن عرفنا هذا الداء، أن نعرف الأسباب التي توقع الشباب في هذا المستنقع الآسن، ألا وإن أخطر الأسباب وأولها: قرناء السوء. نعم.. فالقرين الفاسد، والصديق السيئ، وقال لي أصدقائي السابقين: جرب ولن تندم.
والشاب الطائش، لايفرق بين بائع المسك ونافخ الكير، ولا يعلم أن الخطوة الأولى في المخدرات هي التجربة الأولى. فإذا وقع فيها أدمن عليها.. وبعد ذلك. يبدأ المرض يفتك فيه شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى مرحلة السرقة من بيته، وسرقة أموال والديه وإخوانه ليحصل على هذا الرجس.
أيها الكرام، قال لنا صلى الله عليه وسلم: (الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) فلنختر أصدقاءنا بعناية، ولنتنبه إلى قرناء أبنائنا، ولا نجعل بكاء وحزننا بعد أن يتورط الابن مع قرينه.
السبب الثاني: إهمال الوالدين وسوء التربية.
فللإهمال دور كبير، وإذا كان الوالد جاداً غير مهمل سنجده مراعياً لأبنائه متابعاً لهم، ومرشداً لهم في كل خطوة يخطونها، أما وقد ترك الشارع يربيهم، وجعل أصدقاء السوء يتولون إرشاد أبنائه، فلا تلم أحداً أيها الأب إذا وجدت أبناءك قد وقعوا في الحرام.
الخلل الكبير هو تضييع الوالدين لابنهم، فيبحث الابن عمن يستمع له ويلجأ إليه ويستمع لمشكلاته ويلعب معه فلا يجد الابن والديه، ولكنه يجد قرناء السوء. كما أن الدلال والترف الزائد وتلبية كل ما يريد الأبناء طريق من طرق هذا البلاء. وكذلك الضرب والقسوة الزائدة والحط دائماً من قدر الأبناء طريق من طرق البلاء. فلنكن متوسطين في تربيتنا.
صمام الأمان
ويرى الشيخ فراج بن مفلح السهلي إمام جامع السندي بالعويقلية أن آفة المجتمعات اليوم هي المسكرات والمخدرات، أم الخبائث أم الكبائر وأصل الشرور والمصائب، شتت الأسر، وهتكت الأعراض، وسببت السرقات، وجرأت على القتل، وأودت بأصحابها إلى الانتحار، وأنتجت كل بلية ورذيلة، أجمع على ذمها العقلاء منذ عهد الجاهلية، وترفع عنها النبلاء من قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام ذمها حرمها ولعنها ولعن شاربها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه.
المخدرات بأنواعها شر من الخمر، فهي تفسد العقل وتدمر الجسد وتذهب المال، وتقتل الغيرة، فهي تشارك الخمر في الإسكار وتزيد عليها في كثرة الأضرار، وقد أجمع الناس كلهم من المسلمين والكفار على ضرر المسكرات والمخدرات ووبالها على الأفراد والمجتمعات، وتنادت لحربها جميع الدول وتعاهدت، وأدرك الجميع مخاطرها، حتى قال المنظرون: إن خطر المخدرات وتأثيرها المدمر أشد فتكاً من الحروب التي تأكل الأخضر واليابس وتدمر الحضارات وتقضي على القدرات وتعطل الطاقات.
وقال: المسكرات والمخدرات في وقت ضجت بالشكوى فيه البيوت واصطلى بنارها من تعاطاها ومن عاشره، وأحالت حياتهم جحيماً لا يطاق، فوالد يشكي وأم تبكي وزوجة حيرى وأولاد تائهون في ضيعة كبرى، ومن عوفي فليحمد الله، المخدرات تفسد العقل وتقطع النسل وتورث الجنون وتجلب الوساوس والهموم وأمراضاً عقلية وعضلية ليس لها شفاء، وتجعل صاحبها حيواناً هائجاً ليس له صاحب وترديه في أسوأ المهالك، مع ما تورثه من قلة الغيرة وزوال الحمية حتى يصير متعاطيها ديوثاً وممسوخاً، وما تفككت الأسر إلا من أثرها وتفشت الجرائم إلا بسببها، ومع غلائها فإن مروجها من أفقر الناس وأتعسهم حالاً، أما متعاطيها فإنها لا تزال تستنزف ماله حتى يضيق بالنفقة الواجبة على أهله وأولاده وعلى نفسه، وحتى تصبح أسرته عالة يتكففون الناس، وربما باع أهله وعرضه مقابل جرعة مخدر أو شربة مسكر فهل من قلوب تعي أو عقول تفكر في النهاية الموحشة والآثار المدمرة لهذه البلايا؟ مع فقد الدين وضياع الإيمان، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)، وقد قال عثمان بن عفان - رضي الله عنه -: (إنه والله لا يجتمع الإيمان والخمر في قلب رجل إلا يوشك أحدهما أن يذهب بالآخر) رواه النسائي وابن حبان في صحيحه.
وهنا لابد من الإشادة بما يبذله رجال الأمن وجهات مكافحة المخدرات ومن يقومون بالتوعية بأضرار التدخين من جهود مشكورة للحد منها ومتابعتها والتحذير والتوعية، وننتظر منهم ومن غيرهم الزيد، أعانهم الله وسددهم وأنجح مساعيهم، وعافانا الله وإياكم والمسلمين من كل سوء ومكروه.
آفات الخمر والمخدِّرات
ويؤكد الشيخ جمعة عيادة البناقي إمام جامع المطار بالعويقلية.. أنه قد تفشَّى في مجتمعات المسلمين في هذه الأيام لا سيما بين الشباب آفةٌ مُهلكة آفةٌ مُدمّرة ألا وهي تعاطي المخدرات والإدمان على شرب الخمر. إنَّ هذه الآفة لو تُركت قد تصل إلى بيت أي واحد منكم من حيث لا يحتسب ولا يتوقع.
فيا أيها الأب.. يا أيها المعلم.. يا أيها الأستاذ.. يا أيها المربي تذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) اه. يا أيها الأب أين ابنك؟ هل تسأل عن أحواله ومَن يُصاحِب ومع مَن يَسْهَر؟ أم أنَّك تقتصر على السؤال عن طعامه وشرابه فحسب. يا أيها الأب هل علَّمت ولدَكَ وحصَّنتَهُ قبل فوات الأوان؟ يا أيها الأب عندما ترى ولدك يرجع الساعة الثالثة ليلًا وقد احمرتْ عيناه واسودَّ ما تحتَهما وذهبتْ قُوَّتُهُ وزاد كَسَلُهُ وثَقُلَ نومُهُ وقَلَّتْ حركتُهُ وهِمَّتُهُ ما هو موقفك حينئذ يا تُرى؟ لا تنظر حتى تقع الفأسُ في الرأس، وانظر ولدَكَ من يُخَالِل فالمرءُ على دينِ خليلِه وانظر ولدك من يُصاحب وقد قيل الصاحبُ ساحِب إما إلى الجنة إما إلى النار.
وناشد البناقي الشباب قائلاً: مناشدة الشباب المعوَّلُ عليكم كبير فلا تخيّبوا آمالنا فيكم.. يا شباب الإسلام أخرجوا هذه السموم من بينكم.. أخرجوها من مجالسكم وجامعاتكم ومدارسكم واجتماعاتكم وزواياكم وبيوتكم.. إياكم والمخدرات وشربَ الخمر فإنَّها مُتْلِفَةٌ مُهْلِكَةٌ.. حاربوا هذه الأمراض الخطيرة ولا تسكتوا عنها فإن قال لك قائل أنا أتعاطى هذه المخدرات لأنها تقويني وتعطيني قوة في التركيز فقل له هذا ما تُسَوّلُهُ لك نفسُك ويزيّنُهُ لك شيطانُك لتسلك هذا الطريق الهدام.
ويا أيها المدمن على المخدرات استيقظ فإنك تقتل نفسك إنك تهلك نفسك إنك تحرق قلب أبيك وأمك عليك.. أبوك لم يرسلك إلى الجامعة لتتعاطى المخدرات وشرب الخمر فاستيقظ.. وأمك لم تسهر الليالي الطويلة تَرعاكَ حتى إذا كَبِرْتَ كانت هذه عاقبتَك فاستيقظ.
أن الأمر يبدأ بحبة أو شربة أو إبرة قد يعطيكها صاحبك وأنت لا تدري ما فيها فلا تأخذ أخي الشاب شيئًا من هذه الأشياء المجهولة بالنسبة لك، وقد يقول لك أنت مكروب مهموم فخذ هذا أو اشرب هذا فتذهب كل مشاكلك، فهذه المخدرات وهذا الخمر ليس الحل لمشاكلك بل هي بداية لمشاكلَ ما عهدتَها من قبل. كيف تعصِ الله الذي خلقك وأنعم عليك بكل نعمة هي فيك.. يا أخي الشاب إن تعلقت بعد ذلك بالمخدرات والخمر من أين ستأتي بالمال لشراء هذه الأشياء؟ قد تسرق مال أبيك وقد تبيع متاعَ أهلِك أو تفعل غير ذلك من الوسائل الفاسدة التي ستنجَرُّ إليها لتصل إلى مرادك بل إنك قد تُقبّل الأقدام وتبيع نفسَكَ لتحصل على الحقنة الواحدة وتقع في غياهب الذلّ، ذلّ المعصية وذلّ الانقياد للأراذل هل هذا ما تريده لنفسك أخي الشاب؟
إنك إن تعاطيت هذه المخدرات أو شربت الخمر قد تقتُلُ شخصًا بسيّارتك أو تضرِبُهُ لأنه أزعجك أو تؤذي أهلك أو ولدك أو إخوتك وقد تسب أمَّكَ وأباك أو تضربهما وقد تصل إلى قتلهما أو تقتل نفسك. هل هذا الذي تريده لنفسك أخي الشاب.. هل هذا الذي تريده يا أيها الوالدُ لولدك؟.. وهل هذا الذي تريده أخي المسلم لإخوتك وأصحابك؟
إلى متى سنظل نسمع بشاب مات بسبب تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات.. إلى متى سنظل نسمع بشاب قضى في حادث سيارة لأنه كان يقود السيارة وهو سكران.. إلى متى سيسكت الشاب عن صاحبه المتعاطي للمخدرات والخمر ولا يحذره ولا ينصحه، إلى متى ستبقى هذه الحبوب تنتشر بين طلاب المدارس والجامعات. لا شك أن للأهل دورًا وللمدرسة دورًا وللجامعة دورًا وأنتم أيها الشباب لكم دوركم بالامتناع عن هذه المهلكات ولكم دوركم في نصح إخوانكم وأصدقائكم وأقربائكم بالحكمة والرفق واللين والتحذير من عواقبها وبيان فسادها وحُرمَتِهَا في دين الله وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انصُر أخاك ظالِمًا أو مظلومًا قيل يا رسول الله أنصُرُهُ إذا كان مظلومًا أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره قال: تحجزه أو تمنعه عن الظلم فذلك نصره) اه. رواه البخاري. هذا وأستغفر الله لي ولكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.