في وقتنا الحاضر ليس عليك أن تمسك معولاً وتستأجر الكثير من الخدم ليساعدوك على حفر الأرض بحثاً عن الكنز المدفون الذي طالما حلمت به، وليس عليك أيضاً أن تذهب إلى جنوب أفريقيا بحثاً عن الألماس هناك، وتُعرّض حياتك للخطر بين تناحر القبائل الإفريقية بسبب هذا الحجر النفيس وقد تجده أو لا تجده. إن الكنز المدفون ومنجم الذهب المغفول عنه وحجر الألماس الثمين في عصرنا هذا موجود عبر الشبكة العنكبوتية، تستطيع البحث عنه وأنت مرتاح في غرفة نومك، لا أقصد هنا أضحوكة (التسويق الشبكي أو تداول العملات)، بل أعني أن تبني موقعاً إلكترونياً بفكرةٍ فريدة أو أن تصنع تطبيقاً للأجهزة الذكية تنال استحسان المستخدمين ثم تنهال عليك استثمارات رجال الأعمال للدعم وربما تنافست شركات التقنية لشراء التطبيق أو الموقع بمئات الملايين أو المليارات؛ والإنترنت مليء بقصص لريادي أعمال بدأوا مشاريعهم التقنية من غرفة النوم وبنوا ثروتهم من خلالها، وبعض هؤلاء الأثرياء لا يزالون في سن المراهقة! «جان كوم» شابٌ فقير هاجر من أوكرانيا إلى الولاياتالمتحدة مع والدته وعمره 16 عاماً، وعندما وصلا للولايات المتحدة عملت والدته كمربية أطفال لتوفر بعض المصروفات، أما جان فكان يعتمد على الإعانات الحكومية حتى بدأ يعمل كناساً لدى أحد المتاجر ليوفر نفقات المعيشة، ومع بلوغه سن الثامنة عشرة بدأ يدرس في الجامعة صباحاً ويعمل كحارس أمن مساءً، ومنذ ذلك الوقت بدأ يدخل عالم التقنية والإنترنت لعله يجد بعض المال؛ انتقل جان للعمل في شركة «ياهو» ثم تقدم بطلبٍ للعمل لدى شركة «فيسبوك» لكن طلبه قوبل بالرفض، وفي عام 2009 عندما بلغ «جان كوم» من العمر 35 عاماً اجتمع مع صديقٍ له في بيتهما وأسسا تطبيق «واتس آب» الذي يهتم بتبادل الرسائل بطريقة جديدة وسريعة، وانطلقا في مغامرة جريئة لتجربة حظهما في هذا المنجم الذي يتسابق فيه كل العالم، في البداية كانا يخسران المال بلا مقابل، لكن في عام 2010 تحسن حظهما قليلاً فقد بدأ التطبيق يجلب لهما بعض الإيرادات البسيطة، وفي عام 2011 ابتسم لهما الحظ أكثر وأكثر فقد ذاع صيت البرنامج بين فئات المجتمع، وأصبح من أكثر البرامج تحميلاً، وبحلول فبراير 2013 أصبح لدى «واتس آب» نحو 200 مليون مستخدم عبر العالم وشهرةٍ واسعة جداً، وفي 2014 باع جان «واتس آب» لشركة «فيسبوك» التي رفضت طلب توظيفه سابقاً مقابل (19 مليار دولار) وبلغت حصته منها نحو 6.8 مليار دولار. شبكة الإنترنت (منجم ذهب) لم يُحسن استغلاله الكثير من شبابنا، وعلى الرغم من أن هناك مبدعين في هذا المجال لكنه عالمٌ كبير يحتاج إلى المزيد منهم. أن تنجح وتتميز ليس شرطاً أن تقدم فكرة جديدة، قد يكون تقديم الأفكار القديمة بطريقة جديدة هو سر نجاحك. ولا تنسى أن كل شيء تريد تحقيقه يحتاج منك إلى صبر وتضحية والتزام فلا شيء يتحقق بسهولة. إلى اللقاء