قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}، كم هو جيمل أن يذكر الإنسان بعد رحيله عن الدنيا ويبقى ذكره خالداً تلذ له الأسماع على تتابع الأجيال، جيلاً بعد جيل موصولاً له بالدعاء وبالذكر الحسن، وهذا من نعم المولى عز وجل على من يتصف بالصفات الحميدة وبالأعمال الجليلة لخدمة الدين والمليك والوطن ومثل هذه الصفات الكريمة تتجلى في شخص كريم وعلم بارز من العلماء الأفاضل من الرعيل الأول ومن رجال الرتبية والتعليم إنه فضيلة الشيخ والمربي الفاضل ومؤسس التعليم النظامي في محافظة المذنب الشيخ عبدالله بن سليمان المشعلي رحمه الله، ولد في جبل خزاز جبل دخنة بمنطقة القصيم في 15 صفر 1342ه حينما كان والده الشيخ سليمان المشعلي قاضياً بدخنة ووالده الشيخ سليمان المشعلي من أشهر القضاة في زمنه تولى القضاء في مدينة المذنب والبكيرية والقوارة ودخنة، وتولى القضاء في بريدة نيابة عن الشيخ عمر بن سليم وعن الشيخ عبدالله بن حميد -رحمهم الله-، أدخله والده الكتاتيب آنذاك وعمره ست سنوات في مدرسة المربي الشهير صالح بن محمد الصقعبي، ومدرسة المربي عبدالعزيز الفراج رحمهم الله، ولما بلغ الحادية عشرة من عمره درس على يد والده ولازمه كما درس على يد الشيخ عمر بن سليم والشيخ محمد بن إبراهيم مفتي عام المملكة العربية السعودية لازم والده في الدراسة عليه حينما كان قاضياً في مدينة المذنب وكان من زملائه في الدراسة على يد والده سليمان الحسياني ومحمد بن سند وغيلان العبدالله ومحمد العليوي وإبراهيم الناصر رحمهم الله جميعاً، وكانوا يجتمعون بمسجد الجامع الكبير للبحث وللمذاكرة ثم انتقل مع والده إلى الشبيكية وبعد تحصيله العلمي في الدراسة على أيدي العلماء والمشايخ المذكورين واصل الدراسة بالانتساب فنال الشهادة من كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وقد تولى الشيخ المناصب العديدة منها عين كاتباً لوالده الشيخ سليمان المشعلي لما كان قاضياً في مدينة المذنب والشبيكية ثم عضواً في هيئة الأمر بالمعروف والوعظ والإرشاد في مكة ثم مديراً للمدرسة في مدينة المذنب بمنطقة القصيم في عام 1368ه.. يقول الشيخ عبدالله المشعلي كنت عضواً في رئاسة القضاء بمكة في هيئة الأمر بالمعروف والوعظ والإرشاد انتقلت من رئاسة القضاء إلى المعارف مديراً لأول مدرسة تفتتح في مدينة المذنب ولما تم نقلي اتصلت بسماحة الشيخ محمد بن مانع مدير المعارف آنذاك رحمه الله، لتلقي التعليمات الخاصة بعملي الجديد فقال لي أن المذنب يهمني لأنه كان معقلاً كبيراً مهماً من أكبر معاقل العلم في منطقة القصيم، حينما كان الشيخ عبدالله بن دخيل عالم المذنب والمحدث الشهير يدرس فيها، وإني درست على يد الشيخ عبدالله بن دخيل أنا ورئيس القضاء بمكة الشيخ عبدالله بن سليمان البليهد آنذاك ووالدك الشيخ سليمان المشعلي وقاضي الرس الشيخ سالم الحناكي وقاضي المذنب الشيخ محمد بن صالح المقبل وعلماء وقضاة كثيرون لذا فالمذنب له أهمية كبيرة عند الجميع ولما عهد فيك من الجد والنشاط في العمل اخترناك مديراً لمدرسة المذنب في بداية التعليم النظامي وعمدناك بفتح المدرسة والقيام بإدارتها. وبعد ما استمع لتوجيهات مدير عام المعارف سافر المشعلي لمقر العمل ماراً على بريدة وعنيزة في الطريق رشح أربعة مدرسين من بريدة وعنيزة بمساعدتي صديقه الشيخ صالح سليمان العمري -رحمه الله- وبعد ترشيح المدرسين واصل الشيخ سفره إلى المذنب وحينما وصل إلى مدينة المذنب استقبله الأهالي بالأخلاق الفاضلة والشعور النبيل فرحاً بمقدمهم لفتح المدرسة ودعوا لجلالة الملك عبدالعزيز وولي عهدهم -رحمهم الله-.. ثم اجتماع بأعيان المدينة لمشاورتهم بخصوص مقر المدرسة فاختاروا أن تكون جنوب مدينة المذنب وفوراً تم استئجار المبنى وقد تم افتتاح المدرسة فاختاروا أن تكون جنوب مدينة المذنب وفوراً تم استئجار المبنى. وقد تم افتتاح المدرسة السعودية الأولى يوم الأحد لمافق 1-4-1386ه لتسجيل الطلاب واستقبالهم ثم بدأ توافد الطلاب جماعة وأفراداً يصحبهم آباؤهم يشجعونهم، وكان أول من سجل بالمدرسة السعودية الشيخ مقبل بن محمد المقبل وأخوه الشيخ عبدالله بن محمد المقبل -حفظهم الله- وبعد أيام تم بعون الله وتوفيقه بدء الدراسة بالمدرسة ثم أقيم حفل كبير دعي إليه الأهالي وطلبة العلم وبهذه المناسبة ألقى الشيخ المشعلي كلمة وقصيدة قال فيها: فبالمذنب المعمور قدما يحدثوا بما قد جرى من ماضي العمل ينشر وأهل كرام في موطن مذنب وتشجيعهم طلاب علم وأبحر فآبائكم قدما أحبوا وشجعوا لطلاب توحيد جميعاً تآزروا ثم بدأت الدراسة في المدرسة السعودية في مدينة المذنب وكان من أبرز طلابه معالي الشيخ صالح عبدالله العبود مدير الجامعة الإسلامية سابقاً ومعالي الدكتور محمد إبراهيم الجار الله وزير الشئون البلدية والقروية سابقاً ومعالي الشيخ حمود عبدالعزيز الفايز رئيس ديوان المظالم سابقاً، حفظهم الله بعد ذلك انتقل الشيخ إلى مدينة بريدة مديراً لمدرسة العجيبة ثم مفتشاً إدارياً بإدارة التعليم بالقصيم ثم موجهاً تربوياً بإدارة التعليم بالرياض ثم مفتشاً للمحاكم الشرعية بوزارة العدل بالرياض ثم مدير فرع بوزارة العدل بالمدينةالمنورة، وقد بلغت خدمات الشيخ المشعلي رحمه الله 42 سنة قضاها بخدمة التعليم والمحاكم الشرعية، وله العديد من المؤلفات كتاب مختصر أخبار آخر الزمان وكتاب عقيدة السلف الصالح وكتاب الدرة في أحكام الحج والعمرة وكتاب مجموع أخبار الزمان. رحم الله الشيخ عبدالله المشعلي وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.