يقال (لو) تفتح عمل الشيطان، ولو أن هؤلاء الإرهابيين لا قدر الله نجحوا في مخططاتهم الإجرامية لكانت أخبارهم تتصدر وسائل الإعلام لنعرف بالفعل كيف أن أبواب الشيطان قد فتحت. وهذا ما يتمنونه وهذا ما لن يحدث بحول الله ثم بسواعد الرجال القائمين على حماية الوطن. كم نتمنى أن يخرج علينا هؤلاء بفكر أو فكرة أو موعظة ولكنهم يؤكدون دائماً أنهم أعداء الله والوطن قبل أن يكونوا أعداء الفكر والعقل والإنسانية! هل سمعنا من هؤلاء سوى القتل والدمار والإقصاء وبث روح الكراهية، ويا ليته كان قتالاً بشرف بل غيلة وغدراً، وهو سلوك الجبناء والخونة الذين يدمنون التخفي والترصد والقتل. وبعد فإننا يجب أن نبدي مزيداً من بعد النظر في قراءتنا لمستقبل هذه الأمة، فاجتثاث هذا العقول المظلمة (ولا أقول الفكر لأنها عقول خاوية) لن يتم فقط عبر عمليات الضبط والتفكيك، بل يجب أن تنطلق من الأرضية الثقافية للأمة ككل، إننا في حاجة إلى إعادة بناء ثقافتنا من جديد، ثقافتنا تجاه كل شيء، تجاه الآخر، وتجاه أنفسنا، وتجاه طموحاتنا الفردية والجماعية، وتجاه خطابنا الديني ومفاهيمنا الدينية، إننا بحاجة إلى إعادة بناء ثقافي كامل، نراعي فيه عناصر خصوصيتنا من ناحية، ولننفتح تجاه التطورات البشرية بقلوب مطمئنة من ناحية أخرى. وكما قال الفقهاء (بلا إفراط ولا تفريط). إن المملكة اليوم ليست المملكة قبل عقود، إنها اليوم القائد السياسي الأهم إقليمياً، وهذا يعني مزيداً من الاستحقاقات المفروضة على هذه القيادة، مما يتطلب منا جميعاً تهيئة المناخ المثالي لذلك. نعم نجحت الداخلية في توجيه ضربات استباقية للخلايا الإرهابية، وهو نجاح أسعدنا وأثلج صدورنا، ولكن... ليس هذا كل ما نريد، إن ما نريده هو الاهتمام أكثر بطبقة الإنتلجنسيا في المملكة، بمباشرة دراسة كيفية المجابهة الفكرية للعقول الظلامية، يجب ألا تترك المعركة فقط للقوى الأمنية، بل يجب أن يكون للمثقفين أيضاً كلمتهم، يجب أن يُدعى جميع المثقفين إلى مؤتمر خاص بهم، يجمع الأدباء والمفكرين وعمداء الكليات والفنانين وخلافهم لتوضيح وجهة نظرهم من الجانب الثقافي بحيث يرسمون خارطة طريق ثقافية تتكامل مع تلك الإجراءات الأمنية، وما أقصده هو مؤتمر يكون فيه الحوار مفتوحاً للجميع لتكون المخرجات منبثقة من فهم عميق للمجتمع السعودي. وبالتالي يحدث ذلك التكاتف بين رجل الأمن والمجتمع الذي دعا إليه وزير الداخلية من قبل، وفقه الله لتحقيق ذلك. أخيراً فإننا نحمد الله على أن كفانا ذلك الشر وحمانا منه، فلله الأمر من قبل ومن بعد.