أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول رئيس اللجنة الفرعية لإعداد البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، أن المملكة شهدت خلال العقود الماضية نموًا اقتصاديًا متسارعًا، أدى إلى زيادة الاستهلاك المحلي من الطاقة بمعدلات مرتفعة، فاقت مثيلاتها في دول العالم، حيث بلغ معدل نمو الطلب المحلي على الطاقة نحو 5% سنويًا، ليصل مستوى الاستهلاك إلى ضعف المستوى الحالي بحلول 2030م، ما لم تُتخذ إجراءات حيال ذلك، مشيرًا إلى أن هذا النمو يُعزى إلى زيادة عدد السكان، والنمو الاقتصادي، غير أن جزءًا كبيرًا منه نتج عن عدم الكفاءة في الاستهلاك، وأدى إلى هدر الطاقة. جاء ذلك خلال كلمة سموه في افتتاح المنتدى والمعرض السعودي لكفاءة الطاقة والذي افتتحه أمس وزير المياه والكهرباء المهندس عبد الله الحصين، بحضور أصحاب السمو والوزراء بتنظيم المركز السعودي لكفاءة الطاقة على مدى ثلاثة أيام. وأرجع سموه إنشاء مركز كفاءة الطاقة، لاهتمام الدولة بإيجاد حلول عملية لمواجهة الاستهلاك المتنامي، وتصدّر قائمة مهام المركز، حيث وضع برنامج وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والخطط اللازمة لذلك، بالتنسيق والتعاون بين كافّة الجهات المعنيّة ومن بينها القطاع الخاص، مع الحفاظ على مصلحة المواطن واستمرار النمو الاقتصادي. وأفاد سموه أن البرنامج يعمل بفرق فنية تضم أكثر من 120 مختصًا، ومئات المشاركين بطريقة جزئية، من أكثر من 20 جهة ذات علاقة، لوضع وتنفيذ برامج فرعية تهدف إلى تحسين كفاءة استهلاك الطاقة في قطاعات المباني، والنقل البري، والصناعة، التي تستهلك 92% من إجمالي استهلاك الطاقة، كما تم إعداد 35 برنامجًا فرعيًا حتى الآن، كان من نتائجها ما يلي: في قطاع المباني، الذي يستهلك أكثر من 80% من إجمالي الطاقة الكهربائية المُنتَجة، يُشكّل استهلاك أجهزة التكييف منها نحو70%، وفي هذا الشأن تم تحديث المواصفة الخاصّة بأجهزة التكييف ذات السعة الصغيرة، ليتم رفع الحد الأدنى لمعامل كفاءة الطاقة، إلى مستوى المواصفة العالمية (آشري) في بداية 2015م، لتوفير أكثر من 35% من استهلاك جهاز التكييف، مقارنةً بمستواه قبل تحديث المواصفة، مؤكدًا أنه تم منح مصنعي وموردي وموزعي أجهزة التكييف مهلاً كافية للالتزام بالمواصفة المحدثة. ولفت سموه إلى أنه بتضافر جهود الجهات الرقابية منذ بداية العام، تم منع عدد كبير من الأجهزة غير المطابقة من التداول في السوق المحلي، وذلك بإعادة تأهيل 374 ألف جهاز تكييف، وإعادة تصدير 186 ألفاً، وتفكيك وإتلاف 40 ألفاً، ومصادرة أو جاري مصادرة 320 ألفاً، ليصل إجمالي ما سيتم منع تداوله في السوق المحلي إلى نحو920 ألف جهاز تكييف، مشيرًا إلى أنه سيؤدي إحلال هذا العدد بأجهزة ذات كفاءة عالية، على مدى العمر الافتراضي لأجهزة التكييف المقدَّر بعشر سنوات، إلى تحقيق وفورات في الوقود وتكاليف إنتاج واستهلاك الكهرباء تُقدر ب 15مليار ريال، منها مليار ونصف المليار ريال وفر على المستهلكين في تكلفة الكهرباء، كما يجري الآن التعامل مع 180 ألف جهاز تكييف كحالات غش تجاري، استناداً إلى التدابير النظامية لدى وزارة التجارة والصناعة. وأكد سمو رئيس اللجنة إنجاز البرنامج في مجال العزل الحراري للمباني، حيث تشير الإحصاءات إلى أن70% من المباني في المملكة غير معزولة حراريًا، وبما أن العزل الحراري يسهم في خفض استهلاك الطاقة بنسبة30%، فقد حظي بأهميةٍ قصوى، وتم التعاون مع الجهات المعنية على تطبيق القرارات السامية، التي تقضي بتطبيق العزل الحراري بشكلٍ إلزامي على جميع المباني الجديدة وفقًا للتالي: تطبيق العزل الحراري الإلزامي في 24 مدينة رئيسة كمرحلةٍ أولى، وسيتم لاحقًا - بإذن الله - تطبيقه على كافّة المدن بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة كوزارة الشؤون البلدية والقروية، والشركة السعودية للكهرباء، بتطبيق الإجراءات المعمول بها في المنطقة الشرقية، والإفادة من شهادة عدم الممانعة التي تصدرها الشركة، واشتراط تعهد كل من المالك والمكتب الهندسي، للالتزام بمتطلبات العزل، وعمل الترتيبات اللازمة لمعاقبة المكاتب المخالفة، إضافة إلى تولي شركة الكهرباء، بشكل مؤقت إجرء ثلاث زيارات ميدانية خلال فترة إنشاء المبنى، وربط إيصال التيار بعد التأكد من استخدام العزل الحراري. كما اشترطت تحديث 13 مواصفة قياسية ل 10 مواد عزل حراري، وإصدار مواصفة لمادة جديدة، وإعداد لائحة فنية جديدة للعزل الحراري في المباني الجديدة توضح قيم العزل للجدران والأسقف والنوافذ، واعتمادها من قبل هيئة المواصفات والمقاييس والجودة، وتسهيل تطبيق العزل الحراري في جميع مدن المملكة من خلال تقسيمها إلى 3 مناطق مناخية. وفيما يخص الأجهزة المنزلية الأخرى أوضح سموه أن البرنامج قام بتحديث مواصفاتها القياسية لتتوافق مع المعايير الدولية، واعتمادها في بداية هذا العام، وجدولة تطبيقها الإلزامي مطلع العام القادم، الأمر الذي يسهم في تخفيض استهلاك تلك الأجهزة، بنسبة تتراوح بين 30 و50%. وأبان سموه أنه في نهاية هذا العام سيتم اعتماد مواصفات قياسية لأجهزة التكييف ذات السعة الكبيرة، والإضاءة المنزلية والتجارية، وإضاءة الشوارع، وإعداد خطّة ستطبق العام القادم، للتخلص التدريجي من منتجات الإضاءة المنزلية ذات الكفاءة المنخفضة، مشيرًا إلى أنه بتطبيق كافة الإجراءات السابقة في المباني سيؤدي لخفض استهلاك المبنى الواحد من الطاقة، بنسبة قد تصل إلى 50% تقريبًا. أما في قطاع الصناعة، فيتضمن البرنامج أنشطة لزيادة كفاءة استهلاك الطاقة في صناعات الحديد والإسمنت والبتروكيماويات كمرحلة أولية، التي تشكّل أكثر من 80% من استهلاك القطاع للطاقة، على أن تغطى الصناعات الأخرى في مراحل قادمة، وتم في هذا الأمر ما يلي: مراجعة مستويات كفاءة استهلاك الطاقة في 130 مصنعًا وخط إنتاج، ومقارنة ذلك بمثيلاتها في العالم، تحديد مستويات مستهدفة لكفاءة استهلاك الطاقة بحلول 2018م، وإبلاغ جميع المصانع في القطاعات المستهدفة، وتحضير البنية التحتية في المركز السعودي لكفاءة الطاقة، لتلقي وتحليل البيانات والتقارير السنوية المتعلقة بمدى التزام المصانع بمعايير كفاءة الطاقة، وتحديد أدوار الجهات ذات العلاقة، للتأكّد من التزام المصانع بالمستويات المستهدفة لكفاءة الطاقة وتقديم التقارير السنوية، وإعداد مواصفة سعودية جديدة لكفاءة استهلاك الطاقة للمحركات الكهربائية، تتوافق مع مثيلاتها العالمية، وجدولة تطبيقها الإلزامي منتصف 2015م، ومن المتوقع أن تحقق هذه الإجراءات وفرًا جيدًا في المصانع القائمة، إلا أن الوفر الأكبر سيتم تحقيقه بإلزام المصانع الجديدة عند إنشائها بمستويات كفاءة الطاقة العالمية، التي بدأ المركز بتطبيقها، بالتعاون مع الجهات المعنية، مثل مصانع الإسمنت الجديدة. ولفت سمو رئيس اللجنة إلى أن البرنامج يعمل حاليًا مع وزارة البترول والثروة والمعدنية وأرامكو ووزارة الشؤون البلدية والقروية لتحديد الخطوات اللازمة لزيادة استخدام مركبات الديزل، حيث إنها أكثر كفاءة من مثيلاتها التي تعمل بالبنزين، وتشمل هذه الخطوات تحسين مواصفات وقود الديزل، والتأكد من توفره في محطات الوقود داخل المدن. وأشار سموه لوجود مركبات قديمة، عمرها أكثر من 20 سنة، وعددها 2.2 مليون مركبة، وتمثّل 25% من إجمالي عدد المركبات، تؤدي إلى تدني مستويات اقتصاد الوقود في قطاع النقل البري بالمملكة، مبيناً أن العمل جارٍ مع الجهات المعنيّة، كوزارة الداخلية، ووزارة النقل، ووزارة المالية، على إعداد منظومة متكاملة، لتقليص عدد المركبات الخفيفة القديمة وغير المرشدة منها، تشمل الآتي: برنامج لتقاعد المركبات القديمة، وتفعيل نظام الفحص الفني الدوري لتحسين الصيانة الدورية للمركبة، للحد من تدهور اقتصاد الوقود في المركبات، مراجعة أنظمة تملّك السيارات ورخص السياقة لغير المواطنين. كما يجري العمل على إيجاد حلول مؤقتة لتوفير النقل العام لحين اكتمال مشروعاته، وتطوير عدد من الإجراءات لتحسين اقتصاد الوقود في مركبات النقل الثقيل، منها: تطوير معيار مقاومة الدوران في الإطارات، سيبدأ تطبيقه في نوفمبر 2015م لتوفير نحو 6-8% من الاستهلاك، وإعداد معايير لمصدات الهواء، بهدف توفير نحو 5% من استهلاكها للوقود، مشيراً إلى أنه عند تطبيق الإجراءات السابقة على مركبات النقل الخفيف والثقيل، يمكن تحقيق وفر يصل إلى 210 آلاف برميل نفط مكافئ يوميًا بحلول2030م. وأبان سموه أن البرنامج لم يغفل دور التخطيط الحضري، إذ تم وضع مبادئ إرشادية تستهدف الحد من استهلاك الطاقة ورفع كفاءة استخدامها في مشروعات التنمية الجديدة، عن طريق التقليل من المسافة اليومية المقطوعة بإيجاد مبانٍ ذات استخدام متنوع، وتعزيز استخدام النقل العام، وتعزيز استخدام تبريد المناطق في المملكة، إذ يجري العمل الآن مع هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج لتتولى مهمة تنظيمه، ليتكون من الإطار التنظيمي لتبريد المناطق، ومن ضمنه هيكل التعرفة والترخيص لمقدمي تبريد المناطق، كما يتم العمل على إيجاد منهجية يمكن من خلالها التأكّد من استخدام تبريد المناطق في المشروعات الحكومية الملائمة. كما أكد سموه أهمية الحملة التوعوية للمستهلك وتحقيق أهدافه بإيجاد عدد من العوامل الممكنة لتنفيذ نشاطاته، وتطوير الوسائل والأدوات التوعوية للمستهلك، التي تتناول فكرة ترشيد الطاقة بأسلوبٍ يسهم في تعريف المستهلك بأهمية الترشيد، وسيُصاحب كل برنامج وسائل توعوية تتناسب مع طبيعة كل نشاط، حيث بدأت قبل أكثر من أسبوعين ولمدة ستة أسابيع حملة توعوية شاملة عن أجهزة التكييف، وتهدف إلى توعية المستهلك لاختيار الأجهزة ذات الكفاءة العالية، وإرشاد المستهلك إلى الأسلوب الأمثل لتشغيل وصيانة الأجهزة، لتخفيض استهلاكها من الكهرباء، ومن المخطط له تنفيذ حملة توعوية مماثلة عن العزل الحراري خلال أكتوبر القادم. وقال سموه: امتدادًا لريادة الحكومة واهتمامها بموضوع كفاءة الطاقة بالحد من الاستهلاك الكهربائي في المباني الحكومية القائمة والجديدة بمرافق الدولة، فقد تم النص في بيانات مزانية هذا العام المالي أن يُراعى عند تصميم المباني والمرافق استخدام العوازل الحرارية, لتستمر الحكومة بالريادة والمبادرة في مجال كفاءة الطاقة باستخدام أعلى المواصفات المحققة لذلك، وعلى ذلك سيتم العمل مع المسؤولين بوزارة المالية لتضمين بيانات الميزانية القادمة - إن شاء الله - نصًا بالتقيد بترشيد الاستهلاك الكهربائي من خلال استخدام الأجهزة الكهربائية، والعوازل الحرارية الأعلى كفاءة. وعن تطبيق البرنامج بشكل فعَّال، أشار سموه إلى أنه يتم دراسة استحداث البنية النظامية، وآلية تواجد شركات خدمات الطاقة في المملكة، لما لهذه الشركات من دورٍ في تطبيق العديد من برامج رفع كفاءة استهلاك الطاقة، التي تؤدي إلى إيجاد قطاع صناعي خدمي جديد في المملكة، ويسهم في استحداث وظائف جديدة للمواطنين، كما أنه جارٍ التنسيق مع الجهات المعنية لإنشاء شركة خدمات طاقة تملكها الدولة تعمل على تطبيق كفاءة الطاقة في المباني الحكومية. وللتأكد من تطبيق المواصفات والمقاييس الخاصة بكفاءة الطاقة، بيَّن رئيس اللجنة أنه تم العمل على تعزيز أدوات الرقابة على الأجهزة المصنعة محليًا والمستوردة، عن طريق إيجاد البنية التحتية لذلك، كالمختبرات الخاصة والمرجعية وآليات فحص العينات، سواءً على المنافذ بالنسبة للأجهزة المستوردة، أو خطوط الإنتاج للأجهزة المصنعة محليًا، أو من خلال نقاط البيع، كإجراءٍ رقابي إضافي للتأكّد من مطابقة الأجهزة للمواصفات، إضافةً إلى تعزيز دور الجهات المعنية بالرقابة، ولهذا تم اعتماد أكثر من 100 مليون ريال في ميزانيات هذا العام، لدعم الجهات التي تطبق البرامج، كوزارة التجارة والصناعة لتوظيف مراقبين، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس لإنشاء مختبرات مرجعية. وأبان سمو رئيس اللجنة أنه يتم العمل حاليًا على إعداد مشروع نظام كفاءة الطاقة، لوضع قواعد إلزامية لتنظيم وإدارة الأمور المتعلقة بترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، وتنسيق التعاون بين الجهات الحكومية، لضمان تحقيق أقصى درجات الالتزام بهذا النظام، كما يتم حاليًا مراجعة وتحديث تنظيم المركز السعودي لكفاءة الطاقة لأجل أن يقوم المركز بتنفيذ النظام، ويكون ممكنًا لتفعيل برنامج كفاءة الطاقة، ومن المؤمل الانتهاء من إعداد مشروع النظام وتحديث التنظيم، والحصول على الموافقات اللازمة خلال العام القادم. وأشار سموه إلى أن أعضاء الفرق الفنية العاملة على إعداد البرنامج،تقدم عروضًا تفصيلية خلال جلسات المنتدى، وتتناول البرامج والنشاطات التي تم تطويرها، حيث إن المنتدى فرصة جيدة للعاملين في إعداد وتنفيذ البرامج، لمعرفة وجهات نظركم حول هذه البرامج، بما يؤدي لتعزيز المنهجية التي انتهجها المركز في إعداد البرامج المعتمدة بصورةٍ رئيسة على التوافق ومشاركة ذوي العلاقة.