أود أن أشيد بجهود القائمين على كرسي بحث صحيفة الجزيرة للدراسات اللغوية الحديثة من خلال شراكتهم المميزة مع جامعة الأميرة نورة، وما يقدمونه من حراك نوعي في مجالات خدمة اللغة العربية. وفي سياق فعالية الكرسي الخاصة بتنفيذ ملتقى (التعليم الإلكتروني في خدمة اللغة العربية)، وطلبهم المشاركة في مسارات ذلك بتسجيل بعض الملامح لما قام به مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية في هذا السياق. فقد جاء تأسيس المركز متأخرا من الناحية الزمنية على كثير من المؤسسات المعنية باللغة العربية من الكليات والمعاهد أو من المؤسسات غير المتخصصة باللغة العربية ولكنها مهتمة بها، ومع ذلك فإن تأسيسه هذا إنما جاء ليكون بمثابة التحقيق لتطلعات عديدة تهدف إلى إيجاد رابطة عليا لجمع المهتمين باللغة العربية، والتنسيق بين جهودهم. وقد حاول المركز من خلال رؤى معالي مشرفه العام ومجلس أمنائه ولجانه ومستشاريه أن يتولى مسارات التنسيق والإشراف والتحفيز. ومع أن المركز ينشط في مسارات متعددة لا مجال لسرد تفاصيلها الآن، حيث ينفذ مشروعاته في خدمة الأفراد والمؤسسات سعودياً وعربياً وعالمياً حسب رؤيته الصادرة من مجلس الوزراء؛ فإنه حاول أن يبدأ في مجال التقنية وتوظيفها لخدمة اللغة العربية على مسارات متعددة، ومن نماذجها التي أود أن أشير إليها بمناسبة انعقاد مؤتمر التعليم الإلكتروني في خدمة اللغة العربية على سبيل الإشارة وفتح مجالات الاقتراح والمشاركة للجميع: 1 - حلقة النقاش: (المواقع الحاسوبية الخادمة للغة العربية: منهجيتها وأسلوب عرضها، والعقبات التي تواجهها) التي نظمها على مستوى عربي، وشارك فيها عدد من المتخصصين الأكاديميين وتقنيين ومهتمين باللغة العربية. 2 - وضع إطار عام للعمل مع المتخصصين بهدف تصنيف المواقع والمنتديات والحسابات المعنية باللغة العربية، وفق مواصفات محددة تقنيًّا ولغويًّا ونشاطًا، ويكون ذلك بالتنسيق مع جهات الاختصاص. 3 - إطلاق عدد من المبادرات المتصلة بالتقنية بالشراكة مع بعض الجهات، مثل إثراء محتوى اليوتيوب بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم، وهي عامة لجميع الطلاب والطالبات. 4 - فتح مجال رئيس لتمويل البحوث والمشروعات في مجال حوسبة اللغة العربية، واستقبال عدد جيد من الأفكار والمشروعات. 5- التأسيس لإطلاق جائزة خدمة اللغة العربية حاسوبيًّا: جائزة حوسبة اللغة العربية، جائزة تقديرية تمنح كل عام؛ لأفضل نشاط حاسوبي خادم للغة العربية، ويمنحها مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية. 6 - مشروع قاعدة البيانات للمواقع والحسابات الإلكترونية الخادمة للغة العربية: تنفيذ مشروع لجمع وحصر وتوثيق البيانات والحسابات الإلكترونية المعنية باللغة العربية من خلال شبكة الإنترنت وجمعها في كتاب لتكون مرجعا للباحثين والمهتمين باللغة العربية وخدمة لهم. 7 - مرصد أخبار اللغة العربية: تنفيذ إصدار دوري يُعنى برصد أخبار اللغة العربية بشكل عام، وتبويبها، وتقديمها للمتلقي، ويتم الرصد من خلال تتبع مواقع الجهات المعنية (الجامعات/ المكتبات/ المجامع/ المؤسسات/ وغيرها)، وأخبار وكالات الأنباء والصحف، وقوائم الإصدارات. 8 - الإعلان عن مؤتمر (المبادرات التقنية في خدمة اللغة العربية)، واستقبال عدد جيد من المشاركات فيه من السعودية ومن الخليج ومع بعض دول العالم. وهنا يمكن تخصيص القول بذكر نتيجة أو توصية مهمة يعمل المركز على تنفيذها، وهي أهمية السعي في تأسيس قسم أو مركز يتخصص في اللغويات الحاسوبية، ويمنح درجات عليا في هذا المسار، وتأسيس كرسي للبحث يتخصص في تغطية الأبحاث والجهود في هذا المجال، على أن تبادر كليات اللغة العربية بوضع مادة يقدمها متخصصون لتكون مستقلة لدراسة آفاق البحث المشتركة بين اللغة والحاسب في مختلف الصور والأوجه، وهذا إعلاء من قيمتهما، حيث إن حياة اللغة اليوم أو نموها بين الأجيال الحديثة مرتبط بحضورها في وسائل التقنية الحديثة. ومن المسارات الرئيسة التي يجب العمل على تنميتها وتعميق الوعي بها: أن تُستثمر طاقات الشباب وخبراتهم في هذا المجال، حيث إنهم يقومون بجهود بارزة في تعريب البرامج وترجمة المصطلحات وتأسيس التجمعات الإلكترونية التي تخدم العربية، ولكن بعضهم يفتقر إلى المنهجية في العمل، أو أن جهودهم تنضج وتأخذ صفة الديمومة حين يجدون من يتابع مسيرتهم ويرعاها ويدعم رؤاهم على أن يكونوا فاعلين في هذا الاتجاه. ويظل مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية مظلة يمكن للجميع أن يسهم في برامجها ومسارات عملها، وهو في عمله وضمن رؤيته يسعد في التكامل مع الجميع، ويتشرف بأن يعمل لتقديم الخدمات النوعية المفيدة للأفراد والمؤسسات في سبيل خدمة اللغة العربية