بدأ أصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجيَّة العرب في الكويت أمس الأحد اجتماعهم التحضيري للقمة العربيَّة العادية ال25 التي تستضيفها الكويت يوم الثلاثاء القادم. ورأس وفد المملكة إلى الاجتماع صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجيَّة. وفي بداية الاجتماع ألقى معالي وزير الخارجيَّة القطري خالد بن محمد العطية كلمة أكَّد فيها أن إحلال السَّلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لن يتحقَّق إلا بعد إيجاد حلٍّ عادلٍ ودائم يلبي كامل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، داعيًا إلى ضرورة التزام إسرائيل بموجبات عملية السَّلام ووقف ممارساتها اللا مشروعة والاعتداء على حرمة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلاميَّة والمسيحية وتهويد مدينة القدسالشرقية ومواصلة الاستيطان الذي بلغ ذروته والقرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيليَّة. وأشار إلى أن الجميع يدرك أن تعثر مفاوضات السَّلام الجارية يرجع إلى المواقف المتعنتة للحكومة الإسرائيليَّة من خلال إهدارها وانتهاكها لمقرَّرات الشرعية الدوليَّة والقانون الدولي وفرض سياسة الأمر الواقع وتكثيف مستوطناتها بخاصة في القدس إلى جانب تلك الممارسات التي تضع المنطقة بكاملها على حافة الخطر. وحول الأزمة السورية قال العطية: إن الوضع بات أكثر تعقيدًا بعد مضي ثلاثة أعوام من القتل والدمار المستمر وتواصل الكارثة الإنسانيَّة وارتفاع أعداد اللاجئين والنازحين، داعيًا إلى تكثيف وتضافر الجهود والعمل مع المجتمع الدولي من أجل إنهاء هذه المأساة باستخدام كافة وسائل الشرعية الدوليَّة. وشدَّد على ضرورة تقديم أشكال الدعم المادي والسياسي والتضامن بحزم مع الشعب السوري وتعزيز قدرات الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة في سوريا والعمل على نحو حثيث لوقف عمليات قتل وتشريد الأبرياء من الشعب السوري، داعيًا إلى حثّ مجلس الأمن على تحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقيَّة وفق الآليات المتاحة له بمقتضى الفصل السابق من ميثاق الأممالمتحدة لفرض وقف إطلاق النار بقرار ملزم. ولفت النظر إلى أن قرارًا أمميًا بوقف إطلاق النار في سوريا هو السبيل الوحيد الآن لإنهاء عمليات القتل والتدمير التي يرتكبها النظام السوري ضد السوريين والبدء في عملية انتقال سياسي في سوريا ينعم من خلالها الشعب السوري بالحرية والكرامة. إثر ذلك سلَّم وزير خارجية القطري رئاسة القمة العربيَّة وما يتبعها من رئاسة اللجنة الوزارية العربيَّة المعنية بالوضع في سوريا واللَّجْنة الوزارية لمبادرة السَّلام العربيَّة إلى دولة الكويت. عقب ذلك ألقى معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة الكويتي رئيس الاجتماع الشيخ صباح خالد الحمد الصباح كلمة أكَّد فيها أن هذا الاجتماع يعقد في ظلِّ ظروف حرجة ودقيقة تمر بها المنطقة العربيَّة، لافتًا النظر إلى أن التطلعات المعقودة على القمة أسهمت في صياغة وتحديد بنود جدول الأعمال التي تتناول الموضوعات ذات الاهتمام العربي المشترك التي راعت المتغيِّرات الإقليميَّة والدوليَّة المتسارعة إلى جانب الالتزام من منطلق المبادئ والمواثيق والمصالح المشتركة والمصير الواحد بمواصلة الجهود الدؤوبة من أجل مواجهة التحدِّيات المستمرة والمتغيرة على أسس مهنية وعلميَّة وخطوات منهجية مدروسة يهدف من ورائها الصالح العام للشعوب العربيَّة. وقال: «إن الأزمة في سوريا دخلت عامها الرابع ومازال الجرح النازف يهدر دمًا وما زالت آلة القتل والدمار تنهش بأنيابها البشعة جسد الشعب والدولة السورية بكلِّ وحشية وهمجية لا يردعها في ذلك دين أو قانون أو مبادئ إنسانيَّة ولا حتَّى موقف دولي موحد يستطيع الوقوف بوجه هذه الكارثة التي حصدت أرواح ما يزيد على 130 ألف شخص مع وجود أكثر من 5ر2 مليون لاجئ وستة ملايين نازح إضافة إلى عشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين ما يضع المجتمع الدولي بأسره أمام مسؤولية أخلاقيَّة وإنسانيَّة وقانونية لمضاعفة الجهود لوقف هذه المأساة الأكبر في التاريخ الإنساني المعاصر». وجدَّد الشيخ صباح الخالد مطالبة السلطات السورية بالكف عن شن الهجمات ضد المدنيين ووقف الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان من خلال القصف الجوي واستخدام البراميل المتفجرة ورفع الحصار عن كافة المناطق المحاصرة في مختلف أنحاء سوريا والسماح بالخروج الأمن للمدنيين وكذلك دخول المساعدات الإنسانيَّة والوكالات الاغاثية الدوليَّة وفقًا لقرارات جامعة الدول العربيَّة ذات الصلة واستجابة لقرار مجلس الأمن 2139 بشأن الوضع الإنساني في سوريا مع ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن ارتكاب الجرائم وانتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان ضد الشعب السوري الشقيق». ودعا المبعوث المشترك الأخضر الإبراهيمي إلى الاستمرار في بذل المزيد من الجهود لمواصلة عمله مع جميع الأطراف لاستئناف المفاوضات، مؤكِّدًا أن لا حلَّ عسكريًّا للأزمة في سوريا. وفي الشأن الفلسطيني قال معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة الكويتي: «إن الاعتداءات الوحشية التي شنتها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة مؤخرًا والحصار الجائر الذي تفرضه على القطاع وكذلك الانتهاكات المستمرة لحرمة المسجد الأقصى والخطط العنصرية المتطرفة والممنهجة في مدينة القدس الهادفة إلى تغيير التركيبة الديمغرافية للمدينة وطمس إرثها الحضاري والإنساني والثقافي واستمرار سياسة بناء المستوطنات غير الشرعية تحتم على المجتمع الدولي وبخاصة مجلس الأمن واللَّجْنة الرباعية التحرك بشكل عاجل لوقف هذه التداعيات التي تعمل على نسف أيّ فرص حقيقية للسلام في الشرق الأوسط وذلك من خلال إلزام إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال باحترام قرارات الشرعية الدوليَّة والقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ووقف كافة انتهاكاتها على الأراضي الفلسطينيَّة المُحتلَّة بما في ذلك القدسالشرقية». وأشار إلى أن مبادرة الجمعية العامَّة للأمم المتحدة بإعلان عام 2014 عامًا دوليًّا للتضامن مع الشعب الفلسطيني تؤكِّد مجدَّدًا مدى استمرار المجتمع الدولي في استشعاره لعمق ومأساوية القضية الأقدم في التاريخ المعاصر (قضية الشعب الفلسطيني) ومظلمته التاريخية المستمرة بفعل الاحتلال الوحشي الجائر، معربًا عن أمله بأن يتوَّج هذا الجهد الدولي بموقف تاريخي مشرف يتخذه مجلس الأمن نحو إعادة الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني وتحقيق التسوية العادلة والدائمة والنهائية للقضية الفلسطينيَّة على أسس الشرعية الدوليَّة وكافة قرارات الأممالمتحدة. وحول منظومة العمل العربي المشترك رأى معاليه أن عملية إصلاح تلك المنظومة هي عملية مستمرة ومتواصلة وقد سبقت إليها العديد من المنظمات الدوليَّة والإقليميَّة حيث توجب تطورات الأحداث ومستجداتها أن يَتمَّ التدارس وبكل شفافية ما يطرح من أفكار ونماذج تهدف إلى زيادة فعالية آليات العمل العربي المشترك. وشدَّد في هذا الصَّدد على ضرورة السعي لتحقيق هذا الهدف لينسجم أداء جامعة الدول العربيَّة ومخرجاتها والتطوُّرات التي يمر بها العالم. وتقدم الشيخ صباح الخالد بالشكر والتقدير للجهود التي قامت بها اللجنة مفتوحة العضوية لإصلاح وتطوير الجامعة العربيَّة وفرق العمل الأربعة الخاصَّة بمراجعة الميثاق وتطوير الإطار الفكري لمنظومة العمل العربي المشترك برئاسة المملكة العربيَّة السعوديَّة وإصلاح وتطوير أجهزة الجامعة العربيَّة ومهامها وتطوير العمل الاقتصادي والاجتماعي وتطوير البعد الشعبي للعمل العربي. وعن الشق الاقتصادي والاجتماعي قال الشيخ صباح الخالد: «إن هذا الشق يظل أحد أبرز مرتكزات التنمية المستدامة والتطوّر في عالم اليوم الذي تسعى فيه الدول إلى تحقيق معدلات نمو تَضمَّن العيش الكريم لمواطنيها» مبينًا أن ما ترفعه إليهم من قبل اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة من مشروعات وقرارات سيتم رفعها لاجتماع القمة.