لله ما أعطى وما أخذ .. في يوم 5-5-1435ه قدم إلى رحمة الله، إن شاء الله أحمد بن محمد بن مطارد، رحمه الله رحمة الأبرار، أحسن الله العزاء لأسرته الكريمة ولأسرة آل مطارد جميعاً. جمعتنا صداقة وجوار .. كنت زرته قبل أيام بالمستشفى الجامعي بالرياض، فرح بزيارتي كثيراً، إذ لم نلتق منذ مدة طويلة - بعد انتقالي إلى أبها- كان يصعب عليه الحديث، ترك الكلام لعيون مجهدة شبه باكية، وهو صابر مؤمن. وكلانا يقول في نفسه: (ودّع الصبر حبيب ودعك ذائع من سره ما استودعك) لم يكد يرسل يده من يدي، ذهبت خواطره بعيداً كبعد أربعين عاماً من الذكريات الجميلة بحي الوزارات. حين نكون في مقتبل العمر تزهو بنا الأيام وحولنا أحبة وأصدقاء فتكون أيام السنة ربيعاً مخضراً.. ومع هذا فحالنا في الدنيا أن نتقبل برضا ويقين لوعة الفقد ووحشة الفراق عندما يحل الرحيل إلى عفو الله ورجاء ما عنده، ونتعزّى بحسن الصبر وسلوى الدموع: أم ذرفت منذ خلت من أهلها الدار، كما قالت الخنساء، وكلنا نجود بها عند الوداع الأخير..! أبو ذؤيب الهذلي بكى أبنائه الخمسة في عام واحد: ولقد أرى أن البكاء سفاهة ولسوف يولع بالبكا من يفجع أودى بنيّ وأعقبوني حسرة بعد الرقاد وعبرة لا تقلع مراثي الشعراء جعلوها تسير مع الأيام لأنها أصدق ما قيل من الشعر، متمم بن نويرة في مرثية أخيه مالك رحلت بشاشة أيامه الذاهبة فقال: (فلما تفرّقنا كأني ومالك لطول اجتماع لم نبت ليلة معا) ويرى أن كل المقابر يسكنها قبر مالك: (فدعني فهذا كله قبر مالك)، وأبو الحسن التهامي شطت به أيام النوى والاغتراب عن مكان مولده بمكة المكرمة، وعند فقد أحد أبنائه قال مرثيته الشهيرة: (جُبلت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدار أبكيه ثم أقول معتذراً له وفقت حيث تركت ألأم دار) نحسن الظن بالله الكريم أن يتقبل دعاء من حضر عند قبر الفقيد وهم كثر، في يوم جمعة يُستجاب فيه الدعاء من غفور رحيم بإذن الله. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.