إن تنمية مفاهيم التربية الوطنية ومقوماتها ناحية حيوية بحيث تكون تربية قادرة على العطاء والتميز، ويجب غرس حب الوطن حيث يحيا في قلب كل مواطن ويتجسد هذا الحب بالعمل والعطاء والاخلاص له وقوة الإيمان به وعمق التصور واستيعاب العصر ومعرفة مشاكله وهمومه وعلله، والنظر بشمولية إلى أهمية ذلك لاعداد المواطن الصالح والاعتزاز بالدين والوطن والشخصية المتميزة في عصر التقارب والتعاون والانفتاح العالمي. والوطن أنشودة عذبة في فم الزمن وايمان وحب وثقة وصور متلاصقة في سطور التاريخ وعزم وإصرار على العطاء والبناء واليقظة والاهتمام والقوة والمنعة، وكل ما يحقق الأهداف والفاعلية. لا ريب أن هذه البلاد لها شخصيتها المتميزة تاريخياً ودينياً واجتماعياً. وحب الوطن يتمثل في الأخلاق الحميدة والتضحيات وبذل الجهد في كل ما يعلي شأن الدين والوطن والأمة، فذلك هو المعيار للتقدم والرقي والدعامة الأولى للبناء وإشادة المجد والمستوى المرموق والعمل على المشاركة في مسيرة الحياة وتكريس الجهود للعمل المثمر الهادف. ويروى لأحد القادة قوله: إنما تعرف أخلاق الرجال ويظهر شرف نفوسهم بمقدار حبهم لوطنهم واخلاصهم في خدمته، وغني عن البيان أن المواطن الصادق هو من سمت أخلاقه وعلت همته وخلصت نيته وصدقت عزيمته وراقب الله في أعماله. ولا شك أن حب الوطن من الإيمان وأن بلادنا أكرمها الله بمزايا روحية وخصائص عظيمة، ولها وثبات هائلة في التاريخ، حيث أشرق منها نور الإسلام ونشأت فيها الحضارة العربية الإسلامية فهي مهوى أفئدة العرب والمسلمين ومهبط الوحي ومهد الإسلام وموئل اللغة العربية وموطن بيت الله الحرام ومسجد رسوله الكريم، وكل معلم من معالم هذه الأرض يجسد التاريخ والمجد والشموخ والعطاء الإنساني المتجدد.. فالمواطنة هي الثقة والصبر والشجاعة واليقظة وإباء الضيم ومواجهة تحديات العصر والدعوة للخير والإصلاح وكل معاني الإحسان والتراحم وإيتاء المعروف وإغاثة الملهوف والتفاني في الدعوة إلى المثل العليا والأخوة في الله وإن هذا الوطن الذي عرف الناس بالتوحيد والمعاني الروحية وحافظ عليها وعمرت جنباته بأخلاق وعادات وسجايا كريمة صادرة من تعاليم الله ومازلنا نعتز بها ونلتقي عند توجهاتها.