حينما أقرأ كمختص في التعلم الأساسي، وتحديدا في الإشراف على تعليم مرحلة الصفوف الأولية ؛والتي تعد أهم مرحلة تعليمية في مسيرة التلميذ الدراسية، وهي القاعدة الأولى في مشوار طلبة العلم والمعرفة، بأن برنامج «حسّن» يهدف إلى «تجويد التعليم» فتلك العبارة بدون شك ستكون دافعا لي، ولكل تربوي مهموم بحال التعليم، ومشغول به إلى (الإسهام في إنجاحه) من أجل تحقيق هذا الهدف الجوهري والطموح، وبقية الأهداف التي حملها المشروع لهذا البرنامج الكبير (كالتعرف بشكل عام على مستوى إتقان الطلاب للعلوم والمعارف والمهارات، وإعداد برامج صفية مساندة لرفع مستواهم في اكتساب المهارات والعلوم والمهارات، والعمل على توفير معلومات تفيد المسئولين عن التعليم الأساسي بشكل خاص، والتعليم بشكل عام، تفيد في رفع كفايات المعلمين، وتسهم في تطوير أدواتهم لتوظيف إستراتيجيات التعلم الحديثة في التعلم، والعمل على اكتشاف مواطن الخلل عندهم، وبالتالي رسم خطط وبرامج تدريبية مناسبة من شأنها أن تعمل على الارتقاء بمهاراتهم التدريسية) كما ترون فالحقيقة أننا أمام جملة جميلة ورائعة من الأهداف التي يمكن لبرنامج (حسّن) أن يحققها، لكن كيف لها أن تتحقق،ومعها ينجح البرنامج، ويحقق المشروع أهدافه ذات الجودة؟ أقول يمكن لتلك الأهداف أن تتحقق، و تترجم لواقع إذا ما سار البرنامج وفق ما خُطط له من مسار تربوي تعليمي صحيح وسليم، مسار يدرك قائد المدرسة أهدافه، ويطبّق المعلم آلياته بإتقان، ويتفاعل معه أولياء أمور الطلاب فهم شركاء المدرسة، من منطلق الأهداف التي جاء بها، لكن هذا وحده لا يكفي، إذْ يجب أن يسير وفق «مصداقية «عند تطبيقه، ومن الأمور التي تحقق هذه المصداقية المطلوبة، عملية تبديل الإشراف والتنفيذ والتصحيح بين المعلمين على الفصول، بمعنى أدق، أن كل معلم لا يقوم بالإشراف أو التنفيذ أو التصحيح لفصله، وألّا تنفذ الاختبارات للمواد في يوم واحد، بل وفق جدول يسلم للتلاميذ، وألاّ يجبر التلاميذ على سحب نماذج اختبارات البرنامج للتدريب عليها، كما فعلت بعض مدارس البنات ؛وإلا فما الفائدة من نتائجه، وألاّ تكلف المدارس تلاميذها بشراء النماذج من المكتبات التي استغلت الأمر، وقامت بالمتاجرة في نماذج اختبار المواد كما وردت في البرنامج وبيعها على الطلاب والطالبات، وهذا ما أخرج البرنامج عن مسار أهدافه الحقيقية، حين تحول لسلعة تستنزف جيوب أولياء الأمور، وأن يطبقعلى جميع الطلاب بصرف النظر عن أعداد طلاب الفصل الواحد، وألاّ يحرم طالب من قياس نموه في جميع المواد، وأن تعد نماذج لمواد الدين «التوحيد والفقه» ولا تستثنى من مواد الاختبار، لهذا إذا ما أردنا نجاح برنامج حسّن، فعلينا إعادة توجيهه لمساره الصحيح، وتوجيهه صوب أهدافه الحقيقية التي ذكرتها في مقدمة المقال، وكلما شُرحت أهدافه وأصبح لدى المسئول والمنفذ في المدرسة قناعة بها، طبقه بإتقان، وعمل على الاستفادة من نتائجه، وسعى إلى تحليلها، واستفاد مما يوفرّه من معلومات لازمة، ستتيح للمسئولين عن التعليم رسم الخطط التي من شأنها «تجويد التعليم» ليس منها رفع كفايات المعلمين، وتخطيط البرامج التدريبية المناسبة،وقياس حال التعلم عند أبنائنا الطلاب من خلال نتائجهم فحسب ؛بل إعادة النظر -كذلك- في المناهج وتطويرها، ورسم المهارات من جديد، وتحديد أساليب التقويم الملائمة، وربما قادني طموحي للقول باستبداله بالتقويم المستمر، وتطبيقه على أربع فترات، نظرا لأن التقويم المستمر بشكله الراهن، لم يطبق كما يجب، ولم تنفذ آلياته بطريقة سليمة من قبل بعض المعلمين، على الرغم من كونه كلائحة تقويم رائعة الأهداف لا خلاف حوله.