الحمد لله القائل {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}. كتب على خلقه الفناء والرحيل إلى دار البقاء وكلٌ بما عمل سيلاقي الجزاء، فطوبى لمن شمّر واستعد للقاء المولى خير لقاء {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} .. غيّب الموت رجلاً من رجالات محافظة الزلفي وقامة من قاماتها بالبذل والعطاء موسوماً وبإعانة المحتاج معروفاً، إنه الشهم سليل الكرم الفذ الأريب الشيخ محمد علي العبد اللطيف رحمه الله رحمة واسعة. لله كم لهذا الموفّق - رحمه الله - من أعمال جليلة ومواقف نبيلة شهد له بذلك القاصي والداني، كما شهدتُ له بذلك من مواقف خاصة، جعلها الله في ميزان حسناته ورفعة في درجاته. لا أذكر أني جئت إليه مستشفعاً لإخراج سجين مدين إلاّ وشفَع، أو تسديد أجرة لملهوف وبناء مسكن لمحتاج إلا وبذَل .. داعمٌ بلا حدود للجهات والمؤسسات الخيرية خصوصاً جمعية (إنسان). آوى كثيراً من أسر الأيتام، إما بتسديد إيجار بيوتهم أو المساهمة بشكل كبير في شراء مسكنٍ لهم، فضلاً عن الكسوة والقوت وتوفير ما يحتاجونه. فكم من يتيم مسح دمعته وسد جوعته وكم من أرملة جبر كسرها وخفف مصابها. يا رب فارزقه مرافقة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم .. وأحسب أنه ممن ينطبق عليه قوله صلى الله عليه والسلام كما في الصحيحين (الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال وكالقائم لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر). ساهم ببناء بيوت الله كم له من شرف عظيم. كما جاء في الصحيحين أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ. يبذل ويعطي بيد سخية وقلب مطمئن لا يخشى الفقر، بل إنه يجد أُنسه في إيناس الآخرين وإدخال الفرح على مهجهم، كما أنه لا يحبذ أن يكون هو صاحب الخير والفضل، بل يحث إخوانه وأقرانه للمساهمة ولو بالشيء اليسير تربيةً لهم وتعليماً، ودليل ذلك: أذكر قبل عدة سنوات زرته في جلسته المعتادة بعد كل صلاة عصر بمنزله العامر في (الربوة) وأبلغته عن وفاة شخص بحادث هو وابنيه وعليه دين وكان المبلغ يربو على مائة ألف، وطلب من الحاضرين في المجلس المشاركة بتسديده وساهم من ساهم حينها وهو تكفل بالباقي رحمه الله. أيضاً مما عُرف عنه دعمُ المشاريع للجمعيات الخيرية بجميع توجهاتها حتى تؤدي رسالتها على أتم وجه وأحسنه. وآخِر محطة إنفاقٍ له بذله المستمر لمشروع الوقف الكبير للأيتام في محافظة الزلفي. اللهم اغفر له وارحمه وتقبّله واخلف له في عقبه واجزه خير ما جزيت محسناً على إحسانه، واجعل أعماله مؤنسة له في قبره آمنةً له يوم الفزع الأكبر، واحشره مع سيد الأيتام وأكرمه برضوانك والعتق من نيرانك، واجمعنا وإياه ووالدينا في جناتك .. اللهم أمين وصلى الله على محمد وصحبه وسلم.