العنوان بحد ذاته مثير وجذاب، لكن المقالة ليست عن كرة القدم وتجاذباتها المستديرة الحارقة! ما يهمني هو كيف تحولت كرة القدم من وسيلة ترفيه في بلدنا الذي يمثل فيه الشباب نصف السكان إلى كرة نار تتقاذفها الألسن والأقلام بين طرف وآخر. كنا نعاني في الماضي القريب وقبل ظهور وسائل الاتصال الاجتماعية من حالة اقصاء للآخر تمارسها كثير من الصفحات الرياضية، فإذا كنت تشجع الهلال فمعنى ذلك لا شعورياً اضطهادك لكل ما يتعلق بالنصر، والعكس صحيح. وبعد ظهور وسائل الاتصال الاجتماعية، خرج الأمر من سيطرة الاعلام المكتوب والمرئي إلى ساحة مفتوحة لا نهاية لها، يشارك بها العاقل والمجنون. لا سقف للتجاوز. الشتيمة أقل ما يصيب المختلف في الرأي مع المشجع المتعصب! أما الحالة المتأزمة حالياً، فقد تجاوزت حدود الشتيمة إلى نفي كرامة الانسان، بوصفه بألقاب أو صفات حيوانية! السؤال المهم: هل ما يجري في وسائل الاتصال الاجتماعية عن كرة القدم منفصل بحد ذاته عن مجتمعنا ويختص بالرياضة وحدها؟ برأيي المتواضع أن الرياضة جزء من هذا المجتمع، وحالة الاقصاء التي تمارس بين الرياضيين والاعلاميين والمشجعين هي ضمن حالة إقصاء يعيشها المجتمع ككل إلا من رحم ربي! المبكي في الأمر أن ثقافة المجتمع الدينية لم تُربي جيلاً يدرك أساسيات الحوار واحترام الرأي الآخر، بل العكس هو الذي حدث، يحاربك الآخر ويشتمك لمجرد فقط أنك تشجع الفريق المنافس لفريقه الكروي! أختم بقصة طريفة كنت شاهداً عليها بين صديقين أحدهما نصراوي والآخر هلالي، الأخير كان يقنع صاحبه بتشجيع الهلال على اعتبار أن فريقه هو الأفضل والأجمل وصاحب البطولات العريضة، فيما كان الآخر يناكفه بقصص مضادة! سألتهما معاً: ماذا لو شجع كل شباب المملكة فريق الهلال أو النصر.. ما الذي سيحدث لدوري كرة القدم! هل سيكون دوري الفريق الواحد؟ من الذي سينافس فريق يشجعه كل الشباب؟ وما الذي سيحدث لكل الفرق الاخرى؟ سكتا قليلاً، ولم يجيبا. قلت لهما: جمالية الانتصار في وجود المتنافسين لا في احتكار اللون الواحد! لم يقتنعا، وعادا مرة أخرى لصراع الديكة من جديد!