فقدت الأمة الإسلامية مؤخراً عَلَماً وفقيهاً ومبرزاً في التأليف للكتب الفقهية والثقافة الإسلامية، ألا وهو فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان - رحمه الله -، الذي استفاد من علمه وتأليفه الكثير من الدعاة وطلبة العلم في كثير من البلاد الإسلامية والعربية، وانتشرت كتبه هنا وهناك، فرحم الله شيخنا العلاّمة الفهامة الفقيه عبد الكريم زيدان رحمة واسعة، وجمعنا ووالدينا وأقاربنا وجميع علمائنا وإخواننا المسلمين في جنته ومستقر رحمته، وجعل ما قدّم الشيخ في ميزان حسناته .. قال الله تعالى في محكم التنزيل {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ....}، برحيل الشيخ زيدان رحمنا ورحمه الله وغفر لنا وله، فقدت الأُمّة علماً من أعلامها، وفقيهاً من أبرز فقهائها، وداعية وصل علمه وإنتاجه العلمي إلى الآفاق، وتتلمذ على يديه وتخرّج من دروسه علماء وفقهاء وطلاب علم من شتى أنحاء العالم. والذي عُرف عنه - رحمه الله - بعلمه الغزير في الفقه والثقافة الإسلامية وزهده وورعه، وحياته كانت حافلة بالعطاء الفكري والتربوي والتأليف والتدريس. والشيخ زيدان - رحمه الله - عراقي الجنسية ومقيم في اليمن منذ سنوات، يدرّس في جامعة الإيمان التي يرأسها الشيخ عبد المجيد الزنداني - حفظه الله -. ويُعَد زيدان أحد أبرز وجوه الفكر الإسلامي ومنظري الدعوة، تقلّد العديد من المناصب، وله عشرات المؤلّفات في القانون والشريعة والدراسات الإسلامية. كان - رحمه الله - عضواً في مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكةالمكرمة، حائز على جائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية سنة 1417 ه - 1997م. روى أبو داود والترمذي من حديث أبى الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع، وإنّ العالم ليستغفرُ له مَنْ في السموات ومن في الأرض حتى الحيتانُ في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب. وإنّ العلماء ورثة الأنبياء وإنّ الأنبياء لم يُوَرِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما وَرَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر ...). إنّ الأنبياء خيرُ خلق الله، فورثتُهم خيرُ الخلق بعدهم، ولمَّا كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته لم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أُرسلوا به إلاّ العلماء، كانوا أحق الناس بميراثهم. نفعنا الله بعلم الشيخ زيدان وغيره رحمهم الله، وجعل علمهم حجة لهم يوم القيمة، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:- (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث: صدقة جارية أو علم يُنتفع به أو ولد صالح يدعو له...)...