أصدر معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد كتاباً جميلاً في بابه وفريداً في منهجه فيه لسير أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، وجاء الكتاب في خمسة مجلدات بطباعة أنيقة وورق خفيف يسهل على القارئ حمله وقراءته بيسر وسهولة وجاءت صفحات الكتاب (2256) صفحة، وهذا الكتاب يترجم لأئمة الحرمين الشريفين منذ بزوغ العهد الإسلامي الزاهر بدءاً بإمام المرسلين محمد- صلى الله عليه وسلم- مروراً بالعصور الإسلامية المتوالية وصولاً إلى العصر الحديث مرتبين حسب تواريخ وفياتهم، وقد افتتح الكتاب بمقدمة مستفيضة تتحدث عن الكعبة وعمارة الحرمين عبر العصور ووظائفهما واشتمل القسم الأول (بمجلداته الثلاثة الأولى) على تراجم أئمة المسجد الحرام ومن فروعه من حج بالناس وأئمة التراويح والقسم الثاني (بمجلديه الرابع والخامس) في تراجم أئمة المسجد النبوي الشريف ومن فروعه أئمة التراويح ومن ناب في الإمامة أو الخطابة، وفي آخر كل قسم من القسمين سرد لمن لم توجد له ترجمة. والبحث في هذا الموضوع الشائك والطويل لا بد أن يعاني الباحث فيه من المشقة كما يقول المؤلف عن نفسه: وأن هذا العدد الكثير يبين أن من العسير إحصاؤهم وحصرهم ( أي الأئمة ) وإيراد جميع تراجمهم وأسمائهم، بل فيه مجال كبير للمتعقب والمستدرك وكم يترك الأول للآخر ثم يضيف -ولا يزال النبيل يعترف للسابق بفضل السبق ثم يستدرك ما يستطيع استدراكه مع حفظ جانب الأدب وغض النظر عما يجد من هفوات وخلل ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه، ثم يقول- ومن أجل كل ما تقدم رأيت أن أجمع تراجم أئمة الحرمين الشريفين من عصر النبوة إلى يومنا هذا مستعيناً بالله سبحانه على الرغم من كثرة المشاغل وعدم وجود المصادر المستقلة بذلك وهو ما يتطلب قراءة جردٍ واستيعاب المصادر المطولة لجمع هذا الشتات المتفرق في مكان واحد -ثم أضاف- ولقد قرأت وفتشت وقلبت في أغلب ما لدي من مصادر التاريخ والتراجم ومع كل ذلك فقد أجد بعد هذا الجرد والاستقصاء ترجمة وربما لا أجد....! انتهى. وأقول لله دره من باحث فقد حاز قصب السبق بعمله المتفرد هذا فقد جاء هذا الكتاب بمنهج جديد في التأليف التاريخي لتاريخنا الإسلامي المشرق عندما ساق الأحاديث النبوية عند الترجمة لنبينا محمد- صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين الأربعة مما أعطى بعداً آخر من حيث وضوح الرؤية حيث قال في المقدمة: افتتحت التراجم بنبينا محمد- صلى الله عليه وسلم- ثم الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم غير أني لم أترجم لهم بل أوردت الأحاديث والآثار التي تدل على قيامهم بالإمامة والخطابة في الحرمين الشريفين انتهى. والحقيقة أن المجلد الأول يعد كتاباً تاريخياً حشد فيه كثيراً من المعلومات القيمة عن جهود المملكة العربية السعودية وحكامها بدءاً من الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه- في خدمة الحرمين الشريفين والتوسعات التي توالت من لدن الملوك أبناء الملك عبدالعزيز حتى عصرنا الحاضر ووثق بالمعلومات والأرقام ما صرف على الحرمين من مبالغ حتى أصبح الحرمان مفخرة للمسلمين لما ظهرا عليه من دقة في التصميم وخدمة على مدار اليوم من إضاءة وتوفير مياه زمزم وغيرها كثير والكتاب يعتبر كتاباً في الفقه والتاريخ والسير بما حواه من تراجم لكثير من العلماء مما يوضح الحركة العلمية في العالم الإسلامي من تنقلات العلماء وطلبة العلم بدون ملل أو كلل عرباً وعجماً بدون تفرقة وبهمة عالية، وقد أحسنت دارة الملك عبدالعزيز ممثلة في مركز تاريخ مكةالمكرمة عندما قام بنشر الكتاب ضمن مطبوعاته فقد جاء في تقديم الكتاب ما يلي: وقد حرص مركز تاريخ مكةالمكرمة على نشر هذا الكتاب يقينا منه بأهمية موضوعه وارتباطه الوثيق بتاريخ الحرمين الشريفين وحرصاً منه على تقديم موسوعة شاملة عن هذين المكانين المقدسين وخدمة لتاريخ الأمة الإسلامية النافع نسأل الله أن يحقق به النفع والفائدة، انتهى. فشكراً لدارة الملك عبدالعزيز وفرعها في مكة مركز تاريخ مكةالمكرمة على هذا السفر المفيد والشكر موصول للنادي الأدبي بالرياض الذي رشح هذا الكتاب لجائزة العام التي يقيمه سنوياً حيث رعى معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة حفل التكريم وبمشاركة الدكتور عبدالله الحيدري رئيس النادي الأدبي بالرياض الذي أقيم لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد الفائز بجائزة كتاب العام في دورته السادسة، وذلك في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض حيث ألقى معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد كلمةً أبرز فيها الجوانب المضيئة في هذا العمل الجليل، ولهذا فأنا أشاطر معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد بتوصيته بتوجيه الباحثين وطلاب الدارسات العليا بإجراء البحوث والدراسات العلمية والتاريخية حول الكتاب وتكون من خلال بحوث علمية وندوات متخصصة. (رؤى ومقترحات) 1- يعتبر الكتاب ذا فائدة علمية وفقهية وسلوكية فحبذا لو قامت الجهات التعليمة سواء الجامعات أو التعليم العام بتأمين نسخ من الكتاب ووضعه بين أيدي الطلاب ينهلون منه علماً غزيراً وفوائد جمة. 2-تدشين الكتاب من خلال الجهات ذات العلاقة في حفل يليق بالباحث معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد ومكانة الكتاب الفريد من نوعه. 3-تعريف الكتاب من قبل أصحاب الأقلام الناضجة ولفت نظر القراء إلى ما يحتويه من علم جم ونكات طريفة. 4- عند الحديث عن ترميم الكعبة كنت أتطلع أن يسهب معالي الدكتور صالح بن حميد في الحديث عن ذلك وما صاحب الترميم من تفصيلات وإزالة أخشاب السقف بالكامل وإحضار أخشاب جديدة من إحدى غابات دول العالم وكانت تحمل على أربعة إطارات عند الدخول بها للحرم والاتجاه بها لسقف الكعبة وكان طول الخشبة حوالي 15م وفي تلك التفصيلات إشارة بما تقوم به حكومتنا الرشيدة لخدمة بيت الله وهذا ما قام معاليه بالتفصيل فيه عند الحديث عن الحرم بعمومه وخدماته فليت ذلك يتم في طبعة قادمة. وفي الختام أشكر معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد على ما قام به من جهود جبارة لإخراج هذا الكنز العظيم لما سيكون له من أثر طيب لعموم الباحثين والقراء، ويبرز تاريخنا الإسلامي المشرق وما كان يقوم به علماؤنا من جهود مميزة.