بالرغم من وجودها منذ أكثر من مئة عام تقريباً، إلا أن صناديق التحوط اعتباراً من التسعينيات الميلادية بدأت تبرز على السطح بشكل واضح لتشكل مكون رئيسي من مكونات أكبر المحافظ الاستثمارية حول العالم حتى بلغت قيمة الاستثمارات في هذه الصناديق ما يقرب من 2 تريليون دولار أمريكي عام 2008م، علماً أنها في المحتوى هي في واقع الأمر عبارة عن «صناديق مضاربة» وليست «صناديق تحوط» كما يتخيل لنا من قراءة اسمها الذي يعطي صورة مختلفة !! تعود الأسباب الرئيسية في تزايد اهتمام كبرى المحافظ الاستثمارية بها لكونها صناديق تدار من قبل أكثر المدراء الاستثماريين احترافية و دخلاً في العالم إضافة إلى إتباعها لإستراتيجيات استثمارية معقدة تعتمد بدرجة كبيرة على المشتقات المالية، إلا أن المهم أن أداءها كان لا يرتبط إطلاقاً بأداء بقية الأصول الاستثمارية مثل: الأسهم أو أدوات الدخل الثابت أو أسواق النقد أو السلع او العقارات إلخ و هذه كانت ميزة مهمة جداً جعلت مدراء المحافظ يحرصون على الاستثمار في هذه الصناديق بهدف تنويع محافظهم للاستفادة من الترابط شبه الصفري مع بقية القنوات الاستثمارية. إلا أنه بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008م، حدثت تغيرات جوهرية في صناعة «صناديق التحوط» بدأت أولاً من فضيحة «مادوف» الشهيرة و التي أظهرت أنه نصاب من الدرجة الأولى بالرغم من كونه قبل ذلك من كبار المضاربين المحترمين و رئيساً لبورصة «ناسداك»، ثم مروراً بما أثبتته الأزمة من عدم وجود ارتباط صفري، ثم إنتهاء بإجراءات التضييق التي تحدث الآن من قبل الدول الكبرى على الاستثمارات المسجلة في مناطق الأوفشور من حيث الإفصاح و الرقابة على أساس أن جميع صناديق التحوط تعمل في الخفاء بعيداً عن أعين الهيئات التنظيمية للأسواق المالية، مما يعني تغير في آليات عمل و إستراتيجيات جميع صناديق التحوط دون مبالغة. المشكلة التي بدأنا نلاحظها الآن هي أن غالبية صناديق التحوط حول العالم بدأت تتبع استراتيجيات استثمارية تتماشى بشكل أو بآخر في أدائها مع أداء الأسهم، و هذا بالتأكيد يفقدها أهم ميزة كانت تميزها عن بقية الأصول الاستثمارية حتى بعد انتهاء الأزمة المالية العالمية (أتحدث هنا عن ميزة الترابط شبه الصفري)، و هذا ينبئ عن خطر كبير قد لا يدركه كثير من المستثمرين حول العالم على اعتبار أن الاستثمار في صناديق التحوط هو استثمار غير مباشر في الأسهم و بالتالي ازدواجية المخاطرة. و يبقى التساؤل مطروحاً: هل ستستمر هذه الازدواجية طويلاً؟ و ما هو مستقبل صناديق التحوط؟ و إلى أين تتجه؟