توقَّع تقرير متخصص خروج بعض صغار تجار التجزئة في قطاع الذهب من السوق المحلية. وبرر التقرير توقعه بالمنافسة وتقلب الأسعار واستمرار تدني هامش الربح، وقال إن تجار التجزئة في الذهب يعتمدون على السيولة أكثر من اعتمادهم على الائتمان، كما أن إقامة البنوك لعلاقات طويلة المدى معهم أمرٌ يتسم بالصعوبة من الناحية العملية. وصنف التقرير قطاع الذهب السعودي إلى مستويَين: الأول المستثمرون في التعدين الصناعي، والثاني صغار المصنعين المستقلين «تجار التجزئة». وأضاف: المملكة في سبيلها لأن تصبح سوقاً رئيسياً لاستخلاص المعادن وتصنيعها؛ إذ يوصف التعدين بأنه الركيزة الثالثة للاقتصاد السعودي. وقد تبنت الحكومة نظام الاستثمار التعديني بمقتضى المرسوم الملكي رقم م/ 47؛ وذلك من أجل تشجيع استثمارات القطاع الخاص، وتزويد قطاع التعدين بإطار تشريعي تنظيمي ملائم. وبلغ عدد الرخص التعدينية سارية المفعول 1,565رخصة في 2011، من ضمنها 18رخصة بامتيازات تعدين لمختلف الخامات المعدنية الفلزية مثل الذهب. وأضاف: تواصل الحكومة دورها باعتبارها القوة الدافعة الرئيسية للنمو في قطاع التعدين على المستوى الصناعي، الذي يستلزم أيضاً مشاركة القطاع الخاص. ومن أهم مرتكزات هذا النمو صدور قانون التعدين الجديد، والحوافز التي يتم توفيرها للاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية. وعلى صعيد تحليل القطاعات الفرعية لقطاع التعدين قال التقرير: يحتل تعدين الذهب من قبل معادن الصدارة منذ 1988، رغم أن إنتاجه لا يزال متواضعاً مقارنة بكبرى شركات تعدين الذهب العالمية. وتتركز ترسبات الذهب في الصخور التابعة لدهر طلائع الحياة (ما قبل العصر الكمبري) للدرع العربي النوبي بالمملكة، الذي يمتد على طول البحر الأحمر، ويغطي نحو ثلث السطح الجيولوجي للمملكة. ومضى التقرير الصادر عن «البنك الأهلي»: نظراً لما يتسم به المجتمع السعودي من انجذاب تقليدي كبير نحو الذهب، يصنف السوق السعودي ضمن أكبر الدول من حيث الطلب على الذهب. وتتضمن العوامل الرئيسية التي تدفع الناس لشراء الذهب واستخدامه تقديم الهدايا، والمناسبات الدينية (الأعياد)، ومواسم الحج والعمرة، والزواج.. وإثر الانخفاض في أسعار الذهب لعام 2013، نتيجة لتقلبات السوق، ارتفع الطلب المحلي على الذهب خلال النصف الأول من 2013 إلى نحو 39,7 طن مقابل 34,4 طن خلال الفترة نفسها من العام السابق بنسبة 15,4 %. وارتفعت قيمة الطب بالنصف الأول من 2013 إلى 7,125 مليار ريال مقارنة مع 6,750 مليار ريال خلال الفترة نفسها من 2012، بنسبة 5,5 %. وفيما يتعلق بالتمويل على مستوى تجارة التجزئة قال التقرير إن تجار التجزئة لا يعتمدون بصورة مكثفة على الائتمان الذي يتمتع بالسيولة نسبياً؛ ما يجعل إقامة البنوك علاقات طويلة المدى معهم أمراً يتسم بالصعوبة من الناحية العملية. وتتسم شريحة الأعمال هذه بالمنافسة الحادة نظراً إلى أن هوامش الأرباح تكون واقعة تحت ضغط شديد. واستناداً إلى الأداء المسجَّل تاريخياً لتجار التجزئة في الذهب، فقد تجنبت البنوك الانكشاف عليهم؛ إذ لا يوجد حالياً ميل لدى البنوك المحلية لزيادة ائتمانها لهذه الفئة عن مستوياته الحالية، كما أن الانخفاض المتزايد لدورة البضائع المتداولة لدى تجار التجزئة، مع ارتفاع حجم المخزون لديهم، قد زاد من مستوى المخاطر للمقرضين. وعلى صعيد صناعة الذهب، أبدى مستثمرون أجانب رغبتهم في الدخول في قطاع تعدين الذهب من خلال مشاريع مشتركة مع شركاء محليين. أما العوامل التي تُحدّ من نمو قطاع التجزئة في الذهب فهي تقلُّب أسعار الصرف، التي تؤثر على نحو عام في محال تجارة التجزئة الصغيرة. غير أن التعرفة الجمركية الجديدة متى ما تم إنفاذها يرجَّح لها أن تزيد حدة المنافسة بالسوق وخيارات المستهلكين. وذكر التقرير عدداً من التحديات التي تكتنف قطاع التعدين بالمملكة، منها ندرة المياه، الافتقار إلى البنية التحتية الكافية - بشكل أساسي تتمثل في النقل بالسكك الحديدية - والمناجم التي قاربت على انتهاء عمرها بوصفها مناجم منتجة. وتعتمد معالجة المعادن وتبريد المناجم بشكل مكثّف على استخدام المياه؛ الأمر الذي يقتضي أيضاً استهلاك كميات هائلة من الوقود المنتج بالمملكة. أيضاً يُنظر إلى محدودية وسائل النقل كعائق أساسي أمام دخول المستثمرين للقطاع. وفضلاً عن ذلك، فإن عمليات المناجم الهرمة والآجال التقديرية المتضائلة لهذه المناجم يُرجح لها أن تؤثر في الإنتاج في المدى القصير. وعلى سبيل المثال، فإن منجم الحجار، الذي بدأ الإنتاج التجاري 2001، قد بلغ نهاية عمره التعديني. ونتيجة لذلك تم الشروع في مجابهة ومعالجة هذه التحديات. وأبرمت «معادن» عقداً لإنشاء خط أنابيب مياه يصل إلى منجم جديد قيد التشييد، هو منجم الدويحي الذي من المقرر اكتمال العمل فيه في الربع الأول من 2014. إضافة إلى ذلك، يجري حالياً العمل في تشييد خط سكك حديد الشمال - الجنوب لتسهيل الربط بين المناجم وتجهيزات المعالجة. وحول آفاق سوق الذهب المحلية قال التقرير: السوق السعودي يُعتبر أكبر سوق في الشرق الأوسط، وهو المحرك الرئيسي لسوق الذهب في الإمارات، غير أن توجه الأسعار إلى الانخفاض مع تقلبات أسعار الصرف من المتوقع أن تؤدي إلى استمرار خروج صغار تجار تجزئة الذهب من السوق، لكنه يتوقع أن يصبح المصنعون الذين يديرون منافذ التوزيع الصغيرة في وضع أفضل. وفي الجانب التصنيعي، تستهدف شركة معادن إنتاج 400 ألف أوقية بحلول 2015. أيضاً لا تزال الشركة تعمل على تطوير مشروع جديد لإنتاج الذهب في منطقة الذهب العربية الوسطى. وتحصلت شركة معادن في شهر أكتوبر من عام 2012 على موافقة وكالة وزارة البترول والثروة المعدنية للتنقيب عن الذهب والمعادن في 48 حقلاً في الجرذاوية (منطقة بين القصيم والمدينة المنورة). وفي وقت مبكر من 2012، وتحديداً في شهر فبراير، أبرمت شركة معادن عقداً بقيمة مليار ريال لإنشاء تجهيزات منجم ذهب الدويحي. ويتوقع أن ينتج هذا المنجم 180 ألف أوقية من الذهب في السنة، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج في عام 2015. واستناداً إلى البيانات المتوافرة، فإننا نقدر أن يبلغ إجمالي الإنتاج السنوي من الذهب نحو 320 ألف أوقية في 2015، باستبعاد إنتاج منجم السوق. وخلص التقرير إلى أن شركة معادن ستستمر في تحمُّل عبء الإنفاق والمضي قدماً بمسيرة التطوير لديها. وسيتواصل تأثر الطلب على الذهب في المملكة بديناميكيات الأوضاع الجيوسياسية، وتحركات الأسعار العالمية، والتفاعل بين التجار الممولين والمشترين الفعليين. وعلى الصعيد المحلي، ونظراً لهبوط الأسعار منذ إبريل 2013 في خضم موجة بيع عالمية، ارتفع الطلب على سبائك الذهب. وإضافة إلى أن الطلب على الذهب تتوافر قوته الدافعة الأساسية للاستخدام في المناسبات الاجتماعية/ الثقافية بالمملكة أيضاً، سيواصل المستثمرون بالمملكة شراء المعدن الأصفر النفيس كمستودع للقيمة وملاذ أمن.