تأليف: الأديب والشاعر والوزير الراحل غازي بن عبدالرحمن القصيبي (يرحمه الله) قراءة: حنان بنت عبدالعزيز آل سيف (بنت الأعشى) * العودة سائحاً إلى كاليفورنيا رائعة من روائع الأدب العربي، جادت بها عبقرية الوزير والأديب والشاعر والكاتب والروائي الدكتور الراحل غازي بن عبدالرحمن القصيبي -عليه من الله شآبيب الرحمة والعفو- وبعد عشرين عاماً تقريباً من تخرجه من ولاية كاليفورنيا في الولاياتالمتحدة يعود إليها غازي بن عبدالرحمن القصيبي متأبطاً الزوجة والحماة والنبق والأولاد، ومن خلال عبارة ساخرة ماتعة لامحة فيها من الغمز والهمز ما يحوي على فهم وإعجاب القارئ المتلقي لهذه الرائعة الأدبية وبعين الكاتب والسائح معاً تدفعه نظراته إلى ملاحظة التغييرات الحاصلة في الناس والحياة والمكان، ويتجلى هذا الشعور واضحاً عند زيارته لجامعته ومقر سكنه السابقين، ومن خلال أسلوب ساخر ماتع يقارن بين المجتمع الأميركي والسعودي منتقداً نقداً بناءً معالم حضارية ناهضة، وذلك عبر منولوج داخلي. لمتناثرات نظم حياتية كاليفولانية وبالأخص والأحرى أميركية وأعره سمعك ليقول لك: (عاد إلى كاليفورنيا منذ ذلك الحين مرّات تقل عن أصابع اليد الواحدة في مهمات رسمية لا تستغرق الواحدة منها سوى يوم أو يومين، أما الآن فهو يعود متأبطاً جوازات السفر ووثائق العفش ويقود حملة قوامها الزوجة والابنة والأولاد الثلاثة -صدق أو لا تصدق- الحماة، وها هو ذا يقف بخضوع مصطنع كعادته أمام كل بيروقراطي يأمر وينهى أمام موظف الجوازات. لم يتغير شيء في عقلية موظفي الجوازات، الموظف ينقب في أعماق الجوازات كما يبحث علماء الآثار عن حلية فرعونية صغيرة ضائعة في الصحراء). هذا ويقع الكتاب في اثنتين وستين ورقة.. ويحوي المباحث التالية: (بين براثن البيروقراطية، إدوارد الأول ورضاض في الطريق، أقاصيص إدوارد الأول، في قبضة الإعلانات، في أحضان المملكة السحرية، في قبضة الطوابير، رعب في الصباح، خواطر فلسفية في السمنة، أهوال في الطريق، ديناصورات ومطبعة خاصة، وكومبيوتر ينجم، في عوالم هيوليود الوهمية، والآن أين نذهب؟.. الدوران في الأماكن القديمة)، هذه الفصول تصب في مسلك واحد وهي حكاية وقصة الأديب الوزير الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي -عليه رحمة الله وغفرانه- مع ذهابه بعائلته إلى ولاية كاليفورنيا في الولاياتالأمريكيةالمتحدة، وفيها يرسم القصيبي بذائقته اللغوية أفكاراً جميلة، ومعلومات نضيرة، وتعليقات مفيدة، تأتي معلنة جسورة حيناً أو محفزة مستحية حيناً آخر، يصفها القصيبي بحكاية التجربة الشخصية، مما أعتقد إن صحت الفكرة الحاقة بكتب التراجم النفسية الذاتية الخصوصية الصادقة الوجيزة المختصرة فهو يقرأ في جلسة واحدة، ومن اقتباسات الكتاب الجميلة قول القصيبي: (الأمريكيون يعتقدون أن كل شيء مهارة، أو تكتيك، وأن بإمكانك أن تتعلم إذا شئت مهارة السباحة، ومهارة السياقة، بالإضافة إلى مهارات الخطابة والإدارة، ولن تجد أمريكياً في حالة استرخاء حقيقي فهو عندما يسترخي باستمرار في مهارة الاسترخاء التي يمارسها، وما دام ذلك كذلك كما يقول أساتذتنا الأفاضل في كلية حقوق القاهرة كان من المنطقي أن يصبح أي كتاب يدلك على (تحسين الذات من أكثر الكتب رواجاً). والكتاب ظريف مفيد مليح يحسن إن صح التعبير أن نسميه بكتيب أكثر من تسميته ووصفه بكتاب، وهو في جملته سهل بوضوح وممتنع بوضوح كما قال الشاعر العربي لدار حبيبته: فيا دارها بالحنيف إن مزارها قريب ولكن دون ذلك أهوال ومن أسلوب الكاتب -عليه من الله الرحمة والغفران- وأعني هزليته وسخريته في الكتاب قول تحت مبحث: (خواطر فلسفية في السمنة) ما فحواه: (ترهل بشري شديد في كل مكان لم يكن له مثيل في الأيام الغابرة في زيارتي الأولى لمدينة السحر لم يكن هناك في المكان كله سمين واحد أو سمينة واحدة، أيامها سمعت أستاذاً من أساتذة الاجتماع الأمريكيين يقول شبه جاد: (إن من شروط القبول غير المكتوبة في جامعة هارفرد ألا يكون الطالب سميناً)، أما الآن فحزب الجميز يكاد يكون حزب الأغلبية المسيطرة). وأخيراً: فالرائد العلم غازي بن عبدالرحمن القصيبي يعده العادون ويصفه الواصفون بأنه أحد وأهم رموز الأدب السعودي المعاصر، وأرفد روافد الأدب العربي؛ وأنا برؤيتي المتواضعة ومن خلال تجوالي في كتب له عديدة أصفه وأقول إنه من العالمية ببروز ووضوح لولا حكم المنية السائدة، لكان له في التاريخ العربي صولات وجولات. وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع عنوان التواصل: