من أجمل كتب السيرة الذاتية كتاب «أنا» للأديب عباس محمود العقاد وهو كتاب نشرت فصوله في مجلة «الهلال» المصرية على مدى سنوات.. قبل أن يُجمع في كتاب بعنوان: «أنا». وفي الكتاب يكتب العقاد عن حياته، وأسلوبه في القراءة والكتابة، ويقول عن نفسه: أعترف أنني مطبوع على الانطواء، ولكني مع هذا خال -بحمد الله- من العقد النفسية الشائعة بين الكثيرين من أندادي في السن ونظرائي في العمل. لقد ورثت طبيعة الانطواء عن أبي وأمي فلا أمل الوحدة وإن طالت، ولا أزال أقضي الأيام في بيتي على حدة حيث يتعذر على الآخرين قضاء الساعات بل اللحظات، ولكني أشغل وحدتي بالقراءة والكتابة. وعن طريقة العقاد في الكتابة يقول: أبدأ المقال وفي ذهني جميع أصوله ونقطة مرتبة على الجملة حسب التسلسل المنطقي، ولكني إذا مضيت في الكتابة عرضت لي حاشية من هنا أو لمحة من هناك تطرأ في عرض الكلام ولا تغير شيئاً من جوهر المقال إلا أن تزيده جلاء في بعض الأحيان، أو تضيف إليه عنصراً من الفكاهة والتبسيط. وأكتب في كل مكان خلا من الضوضاء، أما إذا لم تقيدني الضرورة بمكان معين فأكثر ما أكتب وأنا مضطجع على الفراش، وثلاثة أرباع مقالاتي كتبت كذلك. هذا في النثر. أما الشعر فيغلب أن أنظمه وأنا أتمشى أو أسير في الخلاء. ويهمني أن أعود إلى كلامي قبل الطبع لأصححه وأراه في صورته الأخيرة إلا أن يعوقني عن ذلك عائق. ومتى نظرت فيه قبل تسليمه إلى المطبعة فقد أحذف وأزيد عليه، ويندر جداً أن يمس الحذف أو الزيادة جوهر الموضوع. وإذا شطبت على الكلمة أثناء الكتابة عنيت بأن أطمسها طمساً تاماً كأنني لا أريد أن تتراءى لنظري بعد ذلك، ويكثر الشطب إذا كنت مشغول الذهن منحرف المزاج، ويقل إذا أقبلت على العمل بنفس راضية وجسم مستريح.