يستعد الرباعي الراعي للحوار الوطني لخوض معارك سياسية على واجهات عدة، على ضوء ما يطلبه الفرقاء السياسيون من رئيس الحكومة الجديد قبل تشكيله حكومة الكفاءات المستقلة، واشتراطهم ضرورة تقيده بتنفيذ بنود خارطة الطريق. فيما دعا أحد نواب رئيس اتحاد الشغل حكومة الترويكا إلى تفعيل استقالتها التي تعهد بها رئيسها علي العريض، واكتفائها بمهمة تسيير الأعمال إلى حين تنصيب حكومة المهدي جمعة الذي عينه المشاركون في آخر جلسة للحوار الوطني ليلة السبت الماضي، في غياب أبرز أحزاب المعارضة (حزب نداء تونس وحزب الجبهة الشعبية). فيما أعلن حزب نداء تونس بزعامة الباجي قائد السبسي قرار مكتبه التنفيذي المشاركة في الجلسات المقبلة للحوار الوطني، وقررت الجبهة الشعبية تعليق حضورها اجتماعات الحوار إلى حين توضح الرؤية بخصوص التشكيلة الحكومية التي سيقترحها المهدي جمعة الذي تعتبره الجبهة غير ملزم لها باعتباره يشغل خطة وزير صناعة في حكومة الترويكا. وفي خضم هذه التجاذبات أشارت مصادر مقربة من رئيس الحكومة الجديد المهدي جمعة اعتزام هذا الأخير التقليص قدر الإمكان في عدد الحقائب الوزارية عبر ضم وزارات تتقارب في المشمولات، خاصة أن حكومة الترويكا هي أوسع حكومة عرفتها البلاد ب24 وزيراً و3 وزراء لدى رئيس الحكومة و10 كتاب دولة، إلى جانب مستشارين. ويجري هذه الأيام المهدي الجمعة مشاورات مع مختلف مكونات المشهد السياسي من أجل اختيار كفاءات مستقلة، يشكل منها حكومته التي ينطلق اليوم السبت رسمياً في تعيين وزرائها من الشخصيات المحايدة التي لا تنتمي إلى أي حزب احتراماً منه لما تنص عليه خارطة الطريق التي حددها الرباعي الراعي للحوار، ووقعت عليها الأحزاب كافة المشاركة في الحوار. وكان الناطق الرسمي باسم حزب التكتل ثالث أضلاع الترويكا الحاكمة قد أعلن أمس أن رئيس الحكومة سيتولى اليوم السبت تكليف المهدي جمعة بتشكيل حكومة جديدة في مدة لا تتجاوز الأسبوعين، مشدداً على أن الائتلاف الحاكم انتهى رسمياً وفق خارطة الطريق التي اتفق بشأنها، ومجدداً في الوقت نفسه مساندة حزبه وباقي أحزاب الترويكا لجمعة الذي سيكون مطالباً بالاستجابة إلى المطالب التي حدتها الخارطة. وفي المقابل، جدد زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي عقب لقائه الخميس مع رئيس المجلس التأسيسي ما أعلنه سابقاً من أن حركته قبلت بترك الحكومة، لكنها لم تخرج من السلطة على أساس أنها تمتلك غالبية الأصوات في المجلس التأسيسي الذي يعتبر أعلى سلطة شرعية في البلاد منذ انتخابات 23 أكتوبر 2011. وعبَّر الغنوشي عن أمله بأن يتم تتويج المسارات الحكومية والتأسيسية والانتخابية بختم الدستور، وإعلان موعد الانتخابات المقبلة، وبدء عمل الحكومة الجديدة كأحسن هدية تقدمها النخب السياسية للتونسيين في ذكرى الثورة المقبلة.