رغم ما تعيشه الساحة التشكيلية من كثرة في إقامة المعارض إن كانت فردية أو جماعية لأسماء معروفة ذات شهرة محلية أو أسماء شابة لا زالت تتلمس خطواتها من الجنسين, ومع تنوع المعارض في مستوى الأعمال المعروضة نحتاً كانت أو تصويراً زيتياً أو رسماً مائياً, أو بأي من الخامات اللونية, أو ما يتم تشكيله بالوسائط ضمن عالم مسميات الفنون الحديثة المفاهيمية أو التركيبية إلى آخر التسميات، أو معارض لفنانين وفنانات أجانب، كل ذلك يصب في خانة المكاسب المادية وليس تقديم التجارب والخبرات إلا ما قل وندر وحضر بعد غياب، مكاسب لم تسمن ولم تغنِ من جوع فقد عاد كل فنان من معرضه بخفي حنين إلا من رحم الله واقتنى له ما يسد الرمق، حتى التجارب الجميلة والإيجابية المتمثلة في إقامة معارض لأعمال صغيرة كسباً للمساحة وعرض أكبر عدد ممكن مع وضع أسعار مغرية للاقتناء لم تجد ما كان يؤمل فيها إلا قلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة أو تقل من الفنانين المشاركين في تلك المعارض, ووصل الأمر إلى أن يقتني الفنانون من بعضهم البعض وكنت أتمنى أن يختصروا المسافة ويقدم كل منهم عمله للآخر. هذا الواقع ليس جديدا وإنما هي معضلة الفنانين في كل بقاع الدنيا إلا من حظي بإدارة تسويق أو صالة ذكية كما نسمع ونتابع ونرى منها الكثير محليا وعلى مستوى الخليج التي وجدت أن لدينا بيئة تشكيلية إبداعية بكراً لم يتعرف عليها أحد, ويجهل مبدعوها كيف تسوق أعمالهم؟، فوجد هؤلاء المسوقون أو سماسرة الفنون عرباً كانوا أو أجانب فرصة في اقتناء ما يقع بين أيديهم من لوحات أو منحوتات لكل فئات وأجيال الفن التشكيلي وبأسعار زهيدة بالنسبة لهم وكبيرة بالنسبة لأولئك الفنانين، تأتي بعدها مرحلة تسويق تلك الصالات لتلك الأعمال لتصل أسعارها أضعافاً مضاعفة عن أسعارها التي اقتنيت بها، مع ما يتم من استنساخ لبعضها, وإدخالها في مشاريع تجميل الفنادق ومكاتب الشركات، دون إذن من الفنان الذي لا يشترط ولا يكتب عقدا. إن إقامة مثل هذه المعارض دون وجود إدارة تسويق لن تخرج بنتيجة ولا أرباح أو مكاسب مادية بقدر ما تنتهي بالخسائر على الفنان إذا كان مطالبا بدفع إيجار الصالة مع ما يمكن أن تكسبه الصالة من نسبة عند البيع، فبعض الصالات كالمنشار يأكل عند كل حركة.