من الأمور المسلّمة عقلاً، والمقررة في جميع المبادئ والثقافات، والشرائع - وفي مقدّمتها شريعتنا الإسلامية - الحث على قلّة الكلام، وترك الفضول من القول، وعدم اللجوء إلى الكلام إلاّ إذا ظهرت فيه مصلحة دينية أو دنيوية. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت). وكما أنّ الشريعة حثّت على قلّة الكلام إلاّ فيما فيه مصلحة، فإنها حثّت أيضاً على التحقُّق من كل ما يُقال، وعدم الإصغاء إلى كلِّ ما يُشاع ويُذاع، وأوجبت التثبُّت من كل قول، وعدم تصديق كل خبر يُقال، حتى وإن علم قائله، وعرف المتحدث به، فكيف إذا كان الخبر مجهولاً قائله، ولا يعرف صدقه من كذبه؟ فكيف يستسيغ عاقل أن يصدّق كل ما يسمعه من أخبار من مصادر مجهولة؟!. وهذا كان في الزمان الماضي مستهجناً، فكيف في عصرنا هذا الذي تطوّرت فيه وسائل الإعلام، ووسائل التواصل على نحو مذهل، ومنها مواقع التواصل الاجتماعي، فأصبح من السّهل جداً اختلاق الأكاذيب، واختراع الإشاعة، وتناقل الأخبار بالصوت والصورة. وهذا يوجب من الإنسان العاقل أن يحذر كلّ الحذر من هذه المواقع، وألاّ يقبل كل ما يرد فيها، ويحمله على محمل الصدق - وهذا ما يفعله كثير من الناس، مع الأسف، نظراً لقلّة وعيهم بمخاطر هذه المواقع، فتراهم يتهافتون على ما تنشره من إشاعات كاذبة، واتهامات مغرضة، تصل في أحيان كثيرة إلى المساس بأعراض الناس، والنَّيل من شرفهم، وتشويه سمعتهم، وفي كثير من الأحيان تكون الشائعات تمسُّ بأمن الوطن، وبالوحدة الوطنية، وتثير الفتنة بين أفراد الشعب، مما تكون له نتائج وخيمة. ولاشك أنّ الموضوع من الأهمية والخطورة، بحيث يجب أن توليه الجهات المختصة ما يستحقه من عناية واهتمام، من خلال حملة توعوية، تبصر الناس بمخاطر هذه المواقع، وتبيّن لهم الطريقة الصحيحة للتعامل معها، ومع ما تنشره من أخبار وإشاعات، وتوضّح لهم ما يترتّب عليها من المفاسد الدينية والدنيوية .. والله من وراء القصد.