لقد هيّأ الله لبلادنا -ولله الحمد- قيادة مخلصة حكيمة، تدرك واجباتها نحو الوطن، ومسؤولياتها تجاه الأمتين العربيَّة والإسلاميَّة، فارتفع شأن المملكة في مختلف المجالات والمحافل الدوليَّة، بما تتحلّى به تلك القيادة الواعية من حكمة ووضوح وصراحة، فقد عرفها العالم قويةً في مناصرة الحقوق، حازمة في مواقفها التي تسارع فيها إلى شدّ أزر الأشقاء ودعم مواقف الأصدقاء، وهي في ذلك تحرص دائمًا على الحلول الحاسمة في مواقفها، ولا تعرف في الحقِّ أنصاف الحلول، ولا القول المنمّق أو المعسول، فالصراحة ديدنها، والوضوح مبدؤها، والحكمة سبيلها. ولقد كان لمواقف المملكة الواضحة فيما تتعرض له الأمتان العربيَّة والإسلاميَّة أثره في ترسيخ الصورة الذهنية المشرقة للمملكة لدى أبناء الأمتين العربيَّة والإسلاميَّة، وفي إعلاء صوتها بالحق في المحافل الدوليَّة، ولعلّ أبرز مثال لنا على ذلك هذا الموقف الراسخ للمملكة من التحوّلات التي تشهدها مصر الشقيقة، فقد تجلّت الثوابت الراسخة في سياسة المملكة عندما تأزّمت الأمور، فإذا بصوت الحكمة والحزم ينبري، وإذا بالأفعال تسبق الأقوال، فعندما أخذت أرض الكنانة تواجه الإرهاب وتحاربه على أرضها، هُنا كانت الصيحة القوية، والموقف الواضح لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله-، الذي أعلن وبكل جَلاء ووضوح أن « المملكة العربيَّة السعوديَّة وقفت وتقف مع مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخليَّة «. وبمثل هذا الوضوح كانت صراحته -حفظه الله- نحو ما تتعرض له الشقيقة مصر فقد أكَّد «أن وحدة الصف المصري تتعرض اليوم لكيد الحاقدين في محاولة فاشلة -إن شاء الله- لضرب وحدته واستقراره، من قبل كل جاهل أو غافل أو متعمَّد». وهكذا أعلنت المملكة موقفها الواضح الذي جاء منطلقًا من أسس راسخة وثوابت لا تتبدَّل، ليعلن للعالم أجمع أن كلّ مَن يتدخل في شؤون مصر الداخليَّة يُوقد نار الفتنة ويؤيّد الإرهاب، وليؤكد موقف المملكة وبكل صراحة أن الواجب يتطلب الوقوف مع الحق، مع الأشقاء في مصر معلنًا -في ذلك- أن الساكت عن الحق شيطان أخرس. ولقد كان لهذا الموقف الصريح آثاره وصداه، وبخاصة عندما ترجمته الدبلوماسية السعوديَّة على أرض الواقع، بتوجيه من قيادة المملكة الواعية، وبتحرك من مهندسي سياستها الخارجيَّة، فإذا بالدول التي أخذت مواقف مستغربة من مصر الشقيقة تعيد النظر فيما ذهبت إليه من مواقف، وإذا بما أقدمت عليه المملكة ومَن تجاوب معها لدعم أشقائنا في مصر وشعبها، يجعل العديد من الدول تعيد النظر في حساباتها، وتدرك جيّدًا أن العلاقات التاريخية والمصيرية بين الأشقاء قادرة على أن تجعل مصر قادرة على مواجهة الصعاب، وهنا كان التغير في المواقف، فإذا بنبرات التخويف والتهديد تتلاشى أمام هذا الموقف الحازم الحكيم، مما جعل إخوتنا وأشقاءنا في مصر يثمّنُون عاليًا وغاليًا تلك المواقف الأخوية للمملكة، فهم يثقون أن أشقاءهم في المملكة العربيَّة السعوديَّة يهمُّهم على الدوام مصر وشعبها، وأمنها واستقرارها، لتقوم بأدوارها المعهودة مع أشقائها في خدمة العرب والمسلمين. ولتظل مصر وفيّة لإسلامها، مخلصة لأمتها، قادرة على حماية كيانها من حقد المؤامرات وشر الفتن، وهذا هو ما أكَّد عليه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- حين عبر عن ثقته في «قدرة مصر العروبة والإسلام والتاريخ المجيد على مواجهة الإرهاب والعبور إلى برّ الأمان بمشيئة الله»، ويومها سيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.