خرج الأهلي من أبطال آسيا، وبعده بساعات غادر الشباب. ومن يعرف حقيقة ما تمر به كرتنا السعودية بمجملها، أندية ومنتخبات، يدرك أنه لا جديد ولا غريب في الموضوع، وعندها تقفز الأسئلة المتكررة ذاتها: ما السبب؟ وإلى متى يستمر هذا التدهور؟ وما العلاج؟ شخصياً، كنت - وما زلت - أرى أننا تراجعنا بسبب تطبيق الاحتراف بنظام النخوة والفزعة، وبالإمكانات الضعيفة والمنشآت المتواضعة والكوادر غير المؤهلة، وبالأنظمة القديمة المستهلكة؛ وبالتالي لا بد أن تكون النتائج والمخرجات بمقدار ما قدم لها من معطيات. في المقابل، نجد أن غيرنا سبقنا وتفوق علينا؛ لأنه لم يطبق الاحتراف إلا بعد أن وفر له البيئة والظروف والأدوات التي تجعله ناجحاً قادراً على التطوير، فاختصر الوقت والجهد والأزمنة.. وعلى الصعيد الآسيوي، تفوقت دول شرق القارة؛ لأن لديها أنظمة تُحترم وتطبَّق على الجميع، لا تعاني من الفساد المالي والإداري، لديهم لجان وأعضاء لاتحاد الكرة وإدارات أندية محترفون، يعملون ويخططون ويقررون باستقلالية، لا يشغلون أنفسهم، ويورطون أنديتهم ومنتخباتهم بمسابقات وبطولات محلية وخارجية هي للترزز والمجاملة أقرب من أي شيء آخر، لا يربطون مصيرهم بهبات ومكارم عضو شرف داعم وآخر مدرعم، لا يسمحون بتدخلات وضغوط وتوجيهات من أي كائن كان، لا يجيدون الصراخ والعويل والضجيج واللعب خارج الملعب.. خذوها مني باختصار شديد: لن نتمكن من اللحاق بشرق القارة إلا بعد أن نكون مثلهم، أو على الأقل نقترب منهم في سلوكنا وأنظمتنا، وتغليب الكفاءة والتخصص والجدارة على ما سواها من علاقات شخصية واعتبارات اجتماعية.. بيانكم يدينكم من يقرأ بيان نادي الاتحاد الأخير سيكتشف منذ الوهلة الأولى أنه مليء بالتناقضات والأخطاء البدائية الفادحة، فضلاً عن أنه لا يمثل واقع المباراة التحكيمي؛ الأمر الذي لا يعكس فكر إدارة الفايز ولا مقدرتها الإدارية والقانونية؛ ما يجعلنا شبه متأكدين أنه صيغ بناء على ضغوط خارجية، لا تهمها مصلحة الاتحاد بقدر كرهها للهلال وتأثرها من الخسارة الكبيرة. وإليكم الدليل: بماذا نفسر تجاوزها لمرجعيتها ومظلتها الإدارية النظامية المتمثلة برئيس الاتحاد أحمد عيد، والاتجاه إلى الأمير نواف بن فيصل؟ ثم إذا كان يتضمن استياء الاتحاديين من تعرض فريقهم للهتافات العنصرية المتكررة من بعض الأندية فلماذا سكتت الإدارة كل هذا الوقت على الأندية الأخرى، ولم يظهر عليها الحماس والدفاع عن النادي إلا بعد مباراة الهلال؟ كيف تهاجم وتنتقد الإدارة لجنة الاحتراف وهي نفسها التي أصدرت قبل أسبوع بياناً، تشكر فيه جهود وتعاون اللجنة؟ ما الذي دفعها إلى الخوض في مسائل تافهة وغير مقنعة، ولا علاقة لاتحاد الكرة ولجانه بها، مثل عدم توافر حماية كافية أثناء سير حافلة الفريق من الفندق إلى الملعب؟ فيما يخص التحكيم في المباراة الأخيرة فلا أحد عاقلاً سيقتنع بأن الاتحاد تضرر بشكل أدى إلى خسارته الثقيلة، بل العكس هو الصحيح، فقد استفاد من قرار الحكم الهذلول بعدم طرده أسامة المولد في شوط المباراة الأول، وزد على ذلك أن قرارات الحكم لم تؤثر ولم تكن هي السبب في فوز الهلال الكبير، ولا تصل إلى مستوى تلك التي استفاد منها الاتحاد كثيراً كما في نهائي كأس السوبر أمام الفتح، وكذلك أمام الشباب في نهائي كأس الملك للأبطال، وفي دور الثمانية أمام الهلال ذهاباً وإياباً.. الأكيد أن جمهور الاتحاد المتعطش لخروج فريقه من أزماته المتتالية لا يريد مثل هذه البيانات العبثية غير المجدية، والمعروفة أهدافها، وإنما يتطلع إلى عودته قوياً في عطائه وتعاقداته وقراراته وقدرته على المنافسة بالعطاء والانتصارات والأفعال، وليس بتبريرات واهية وبكلمات معلبة وبيانات بكائية، ضررها على العميد أكثر من نفعها.. عند الشرقي الخبر اليقين ما نقرؤه ونشاهده يومياً من استهداف واضح وفاضح ضد كل ما هو هلالي حتى في أوج تألقه وعز انتصاراته، كما حدث في اليومين الأخيرين في أعقاب فوزه العريض على حامل لقب كأس الملك للأبطال الاتحاد، هو بالضبط تجسيد وتأكيد لما اعترف به الصحفي المخضرم عبدالعزيز الشرقي لإذاعة ufm في برنامج (هذا هو) مع الزميل أحمد العجلان، وقوله إنهم كانوا يتعمدون الهجوم على الهلال ومحاربته والتجني عليه لغرض تسويق صحفهم.. هذا الاعتراف لم يصدر من صحفي مغمور قليل الخبرة أو كاتب هامشي، ولا يصف موقفاً بعينة أو حدثاً أو مناسبة أو مباراة أو موسماً بحد ذاته، وإنما نحن أمام صحفي خبير وقيادي إعلامي مسؤول عن صحف عدة لأكثر من أربعة عقود، ويتحدث عن تاريخ إعلامي طويل ومرحلة امتدت عشرات السنين.. وبغض النظر عن كونها هدفاً تسويقياً إلا أنها في النهاية أنتجت أجيالاً، وشكلت آراء ومفاهيم وقناعات، جميعها تتمحور وتتجه وتبحث عن تشويه صورة الهلال والنيل منه، حدث هذا في الماضي، وها هو يتكرر اليوم، بل سيتكرر غداً طالما هنالك إعلام وأقلام لا تعرف معنى وقيمة رسالتها الإعلامية.. ما ترونهم وتسمعونهم اليوم هم تلاميذ من حيث لا يدرون في مدرسة ونتاج مرحلة بل مراحل التآمر على ناد، ذنبه الوحيد أنه الأميز والأبرز والأكثر شعبية ونجوماً وبطولات، والكارثة أنهم فشلوا في عرقلته وتدميره مثلما أخفقوا في إنقاذ أنديتهم من غياب وعذاب السنين العجاف. [email protected]