موسوعة تاريخ التعليم عمل تربوي وإنجاز تاريخي مفيد صدرت هذه الموسوعة في عام 1419ه في خمسة أجزاء. لم يعد خافياً على أحد ما للتربية بمفهومها الواسع الشامل ومضامينها العريضة من أهمية وأثر في حياة الأفراد والمجتمعات، كما أن للمعلم رسالة جليلة ودوراً تربوياً رائداً وفكراً خالداً، قلت هذا الكلام في مناسبة تعليمية وقد رد أحدهم قائلاً: لقد أغفل الناس والتاريخ ذكر رواد كبار من رجال التربية والتعليم وأهملهم، قلت: إن شعبنا شعب أصيل وما زال المعلم يحظى بالتقدير والاحترام وما زال يردد قول شوقي: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا وهذا الشعر مقتبس من الحديث الكريم: «العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر» كما قال عليه الصلاة والسلام، فما زلنا نكن الود والتقدير والاحترام لأساتذتنا وكنا نرهبهم ونحبهم وكانوا على جانب من الصبر والاهتمام برسالة العلم، والعمل المتواصل المخلص، وكم من تلميذ ما زال يدين لمعلمه بأكبر الفضل في تربيته وتعليمه والذين مارسوا التدريس يعرفون الجهد الجهيد الذي يبذله المعلمون في سبيل تعليم وتثقيف طلابهم، وكما قيل: لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها وكم من أساتذة من رجال التعليم قدموا خدمات جلي من خلال أشرف مهنة وهي التربية والتعليم، وسيظل التاريخ يذكر أدوارهم ورسالاتهم وجهدهم بأحرف من نور مشرقة مضيئة، وينبغي أن تكتب سيرة المعلمين المبرزين ممن أفنوا حياتهم في خدمة مهنة التعليم والوطن، وسنرى نماذج مشرفة ورواداً أفاضل امتازوا بالإخلاص والزهد والإيثار والعمل الجاد فجزاهم الله خيراً عما قدموا، فتحية لرواد العلم وأساتذة الجيل الذين يدين لهم تلاميذهم بكثير من التقدير والفضل خصوصاً أصحاب البدايات والرعيل الأول الذين وضعوا أسساً ومدرسة استنار بها الجيل الحاضر، وكانوا الأسس والأعمدة التي قام عليها بنيان التربية والتعليم. إن تاريخ التعليم في بلادنا تاريخ حافل وتجربة ثرية ضخمة ذات مواقف متعددة وهو جدير بالكتابة والتدوين والتسجيل ففي ذلك فائدة ومتعة وعبرة، ولا يفوتني أن أشيد بدور وزارة المعارف في هذا المجال، فقد عملت على كتابة تاريخ التعليم تحت مسمى موسوعة تاريخ التعليم في المملكة العربية السعودية ورجالاته وهي من الإنجازات التي تحققت على مستوى النشر التوثيقي بمناسبة الاحتفالات بمئوية التأسيس في خمسة مجلدات أرخت لحركة التعليم وكل ما يتعلق بالتربية، وتعد هذه الموسوعة مرجعاً شاملاً لمن أرد البحث في هذا المجال حيث تشتمل فصولاً شتى عن التربية والتعليم والمناهج والإشراف الفني والكتاب المدرسي والاختبارات والمرافق التعليمية والأحداث التعليمية والوقائع التربوية واللوائح والأنظمة وترجمة رواد التعليم ورجالاته والمهام والأدوار الوظيفية التربوية التعليمية التي قاموا بها، وهو عمل تربوي تاريخي مفيد ذو أبعاد موضوعية ومكانية ومضمون فكري وعلمي واجتماعي وثقافي مع الاهتمام بالجانب التوثيقي، لذلك مما سيعطي صورة جليلة مجسدة ومترجمة للتعليم ورجالاته ماضياً وحاضراً إنها موسوعة جديرة بالاهتمام حيث إنها مصدر هام عن التعليم واستدراكات ستحقق المزيد من الفائدة للباحثين والدارسين، ولقد دعمت الموسوعة بالرسوم البيانية والجداول التوضيحية والوثائق التاريخية والصور الشخصية ورسوم المنشآت التعليمية، واستعين في تنفيذها بأدوات بحثية عديدة ومصادر ومعلومات ورصد للتطور التعليمي في المملكة والإلمام بحالة التعليم ورواده وتوثيق الأحداث والوقائع التربوية التاريخية ذات الأثر المهم في مسيرة التعليم وتسجيل المنجزات التربوية برؤية استشرافية لمستقبل التعليم في بلادنا. وبالجملة، فقد جاءت هذه الموسوعة لتكون سجلاً تاريخياً صادقاً لمراحل التعليم وشخصياته ومرافقه ومناهجه وجهاته المسؤولة عنه وتطوره، ولقد طبق المنهج التاريخي في إعداد الموسوعة واستعراض المعلومات التي أمكن تجميعها وتبويب المعلومات وفق التسلسل الزمني وتفريغ الحقائق التاريخي وفق التسلسل الزمني وفي أبوابها وتحليل المعلومات المستقصاة منها وتحديد مصادر المعلومات للموضوعات المطروحة. ونأمل أن تكون تسجيلاً رائداً لتاريخ التعليم وإبراز وقائعه وتجميع ما تفرق من أخباره وما أوشك أن تدفنه يد النسيان.