لا يعيب الشاعر كتابته في غرض واحد من أغراض الشعر أو غرضين أو تنقل موهبته بين كل الأغراض أو مجملها.. هذا ليس رأيي بل رأي مجمل النقاد إن لم يكن كلهم.. بعض الشعراء خلدتهم قصيدة واحدة أو قصيدتان ولم نجد لهم أثراً غير القليل من الشعر من حيث الكم والكبير من حيث الكيف والقيمة الفنية.. موهبة الشاعر وإبداعه لا تقاس بحجم ما قدم من قصائد، بل المقياس الصحيح هو ماذا قدم وأضاف وبماذا تميز.. كما أن الموهبة لاتقاس بكثرة الأغراض التي تناولها الشاعر في قصائده بل مقياسها الصادق ما تحمله القصيدة من فنيات الشعر وتجليات الخيال وجذوة العاطفة والتفرد والإبتكار واقتحام مساحات بكر من أجل اكتشافها وسبر مكوناتها وفتح فضاءات جديدة للدهشة أمام الباحثين عنها. معظم الشعراء الذين يركضون خلف الكم العددي من القصائد دون الاهتمام بالكيف وينصب جل اهتمامهم حول كم كتبوا من قصيدة لا ماذا كتبوا..كل هؤلاء يكتبون للحاضر الأني والمنظور القريب والمؤثرات المستقرة داخل دوائرهم الخاصة.. قصائد هؤلاء ستنتهي بمجرد اختفائهم عن مسرح الحياة لسبب منطقي فهم كتبوا قصائد عابرة عن مواقف عابرة وبالتالي جاءت قصائدهم هشة ذات تأثير محدود ووقتي يتقاطع مع سمة الخلود والبقاء. تحدثت في الحلقة الماضية من هذه الزاوية عن الوجبة الفاسدة.. أشرت فيها إلى القصائد الخالية من الشعر والصدق الفني والإخلاص للموهبة.. والآن أؤكد أن الشعراء الذين يستابقون في مضمار الكم بعيداً عن الكيف ليسوا ببعيد عن سابقيهم. أدرك جيداً أن جل كتاباتي تتمحور حول أهمية الشعر وقيمته وصعوبته على غير أهله، وهو إدراك جاء لكثرة ما يلقى في الأرض من بذور، وقلة المحصول الصالح لاستهلاك الذائقة التي تعرف الشعر جيداً وتميّز صالحه من رديئه.. وقبل الختام أؤكد على حقيقة يعرفها الكثيرون وهي درس هام لكل شاعر يبحث عن الشعر ولا شيء غيره..في كل حقبة من الزمن يتواجد على المسرح مئات الشعراء وحين اختفائهم يموت شعرهم وينتهي، ولا يحفظ التاريج إلا لقلة منهم بحثوا عن الخلود وأدركوه بتعبهم وتضحياتهم وصدقهم وسيستمرون في صفحات الخلود كنتيجة حتمية لما قدموا. خطوة أخيرة: ل(شواهق نجد) بامد كفي واتناوش لك الغيم واجمع لك نجوم السما وسط كفي ياماخذٍ طهر السحب واجزل الديم ليت القدر جابك على قد شفي [email protected] تويتر AhmedALNasser99