دخلت المعترك الصحفي في يوم لن ينساه التاريخ، وكان آنذاك هو يومي الأبيض في يوم العالم الأسود الذي تصادف في 11 سبتمبر 2001 من خلال العمل في مجلة فواصل والتي كانت في أوج انتشارها وقوتها آنذاك، عملت بجهد وتدرجت في العمل الصحفي فيها حتى وصلت إلى منصب ربما مميز لصحافي مبتدئ، وكانت حينها تعتبر إحدى الوسائل الإعلامية الرائدة في المنطقة والتي تسمى «بالصحافة الشعبوية». في تلك الفترة تفرعت الصحافة إلى فرعين نخبوي وشعبوي، وكانت المنافسة على أشدها بين صحافيي كل فرع، فقد كان صحفيو النخبة ينظرون إلينا باستهتار كصحافة شعبوية تافهة لا ترقى إلى ما وصلوا إليه، وأن الصحافة الشعبوية غير مؤثرة رغم أن تأثير المجلات في ذلك الوقت كان يعادل تأثير مواقع التواصل الاجتماعي حالياً، ومن جهة أخرى كان الصحفيون الشعبويون ينظرون إلى النخبة بعين الشفقة حيث لم يكن يُسمع بهم وليس لهم لا حضور ولا تواجد في الرأي الشعبي، وكنا كصحافة شعبوية نعتبر نظرة النخبة لا تعدو عن غيرة مهنية من قدرة الصحفيين «الشعبويين» على التأثير في الرأي. قد نندهش الآن أن بعض الأسماء اللامعة حالياً في عالم الصحافة وكانت قد بدأت عملها في مطبخ الصحافة الشعبوية، وعند سؤالهم عن سيرتهم نجدهم ينتزعون من تاريخهم الإعلامي فترة عملهم في الصحافة الشعبوية، ولا ندري هل هي خجلاً أم تناسياً. أحداث كثيرة تعاقبت، خفتت فيها أضواء الصحافة الشعبية، وانتقل من انتقل من تحت عباءتها إلى الصحافة النخبوية وكنت أحدهم من خلال انتقالي للعمل في جريدة الاتحاد الإماراتية، ووضعوا أقدامهم بقوة في أماكنهم الجديدة التي استقطبتهم، ثم ما لبث أن وجدنا تأثيرهم أيضاً واضح ومميز في صحافة كانت تحاربهم وتنظر إليهم شذراً في وقت سابق. وها أنا أعود إلى الصحافة السعودية في رحلتي إلى النخبوية دون التخلي عن شعبويتي، أعود إلى الكتابة النخبوية في صحيفة الجزيرة وبنفس عنواني الشعبوي الذي كنت أكتبه كزاوية شهرية في مجلة فواصل تحت عنوان «وللحديث بقية»، أعود من خلالها للكتابة في صفحة شعبية تنشره صحيفة نخبوية. خارج النص: لا تزرع الألم.. حتى لا تحصد «الحزن