حرصت حكومة خادم الحرمين الشريفين وأكدت على احترام وتقدير المتقاعدين وحسن استقبالهم في كافة الأجهزة والمصالح الحكومية والخاصة وسرعة إنهاء طلباتهم، تقديراً لخدماتهم التي قدموها لبلادهم ومجتمعهم. وهذا ما صرّح به صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - عندما زار عدداً من أعضاء الجمعية الوطنية للمتقاعدين لأخذ موافقة سموه على رئاسته الفخرية للجمعية عند إنشائها. لكن الواقع يخالف رغبة سموه فقلّ أن تجد جهة حكومية أو خاصة تستقبل المتقاعدين أو تخصص قسماً او مكاناً يليق بهم ويتم من خلاله إنهاء طلباتهم بعيداً عن الطوابير الطويلة والإجراءات المعقدة، غير أن هناك حالات فردية رائعة يقف المرء لها احتراماً وتقديراً لأشخاص نذروا أنفسهم لخدمة ومساعدة المتقاعدين، وهذه الخدمة يؤجر عليها الشخص دينياً، فكما قال عليه الصلاة والسلام (والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه) وقوله عليه الصلاة والسلام أيضاً (تبسمك في وجهك أخيك صدقة)، إن هذا المنهج الإسلامي العظيم يعطي أهميةً لمن يساعد أخيه المسلم ويقضي حاجته، وكذلك ما سوف يحصل عليه من أجر ومثوبة من الله سبحانه وتعالى سواء كان شخصاً عادياً أو متقاعداً. كما لا ننسى أن خدمة أي شخص هي واجبة من الناحية الإنسانية، فالمتقاعد هو إنسان يستحق المساعدة والخدمة، لقول الله تعالي (ولقد كرَّمنا بني آدم ...) الآية، فبما أن الله كرّم هذا الإنسان فمن باب أولى أن يكرمه ويحترمه الجميع، وهو بلا شك احترام متبادل. ولو نظرنا إلى الجانب الوطني فإن هذا المتقاعد قد أفنى عمره وفكره في خدمة بلاده، ومجتمعه، وأبناء جلدته والمقيمين على ثرى وطنه: خطط فنفذ، فكر فأبدع، حاور فأفلح، قاد فنجح، قدّم الكثير ولا يزال لديه الكثير، وهذا قليل من كثير مما يجب أن يُقدم لهُ. إن ما دعاني لأن أكتب هذه المقدمة ما وجدتهُ قبل أيام من استقبالٍ رائعٍ وجميل من أحد الموظفين في إدارة الوافدين بجوازات منطقة الرياض عند مراجعتي للإبلاغ عن هروب خادمة لي، حيثُ قابلتُ الأخ المقدم لأول مرة والذي لا داعي لذكر اسمه، ما إن علم أني متقاعد حتى قام وسلم عليّ بحرارة وأخذ أوراقي وأجلسني بكل تقديرٍ واحترام، وهذا الأسلوب والله ليس معي وحدي بل مع كل المراجعين الذين وجدتهم كخلية النحل على مكتبه، وهو لا يكاد يبين فيوزع عليهم من شهد كلامه ورحيق ابتساماته ما يفرج عنهم حرارة الجو وتعب الصيام، إنه مثالٌ لرجل الأمن الذي يخدم الناس بنفس مطمئنة وروحٍ عالية. بارك الله في أمثال هؤلاء الذين نعتز ونفتخر بهم ونأمل أن يحذو الآخرون حذوهم.