قبل ذهابي إلى أداء واجب العزاء في وفاة صاحبة السمو الملكي الأميرة نورة بنت سعود بن عبد العزيز - رحمها الله وأسكنها فسيح جنانه, أخذت بالتفكر قليلاً في حال هذه الدنيا, كثيراً ما تأخذنا الأفكار تجاه من هم على العمل قائمون, ولكن الأجمل حين نسرح في أفعال الراحلين وإنجازاتهم, أخذت استعرض بعضاً من إنجازات الفقيدة - رحمها الله -, أخذتني الرحلة أثناء المسيرة إلى بيت عزائها وبقيت الأفكار تخالجني وأنا فيه جالس أشخص في وجوه الموجودين, وعلى رأس الحضور أهل بيت العزاء أصحاب السمو الأمير خالد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن وصاحب السمو الأمير محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، وصاحب السمو الأمير فهد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن نائب وزير الدفاع، وصاحب السمو الأمير تركي بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن, وبقية الأسرة الكريمة ألهمكم الله الصبر والسلوان وعظم أجركم إن شاء الله. أم خالد لم تكن إلاّ يداً بيضاء ساهمت في بناء الوطن ودعم الأعمال التطوعية الخيرية, كانت امتداداً لنسل العائلة التي نذرت نفسها من أجل وطن وشعب, والأعمال الخالدة تخلد أصحابها, فللفقيدة - رحمها الله - في البذل والكرم والأعمال الخيرية بصماتها التي تجعل من يدعو لها في خفايا الليالي ممن تنعّموا بخيرها واستفادوا من فضلها كثيرون ومما لا يعلمهم أحد. حين صافحت معزياً صاحب السمو نائب وزير الدفاع الأمير فهد بن عبد الله، نظرت إليه فكان الحزن هالة يسكن محياه, ولكن في داخل هذا المحيا ترى علامات الرضا والسكون, فالرضا أولاً بأمر الله وقدره, وثانياً بما يعلمونه عن سموها والدتهم - رحمها الله - من خير يحتسبونه عند الله عزّ وجلّ, الحزن على الفقدان كبير ولكن الفرح أنّ الراحلة من أهل الخير والعمل الصالح, ففوق أعمالها كرّمها الله برافد من الدعاء الصالح من أبناء صالحين يدعون لها. غادرت بيت العزاء وأنا أودع أبناء الراحلة - رحمها الله - وأقول في سري رحمك الله يا أم خالد، فلقد حباك الله وأنت حية بالقدرة على عمل الخير ومساعدة الناس, وحباك الله بعد قضائه وأمره بأن جعل من ورائك هؤلاء الضاربين في الأرض خيراً وصلاحاً, فما يكتب لهم من خير فلوالديهم, وما يدعون به لهما فهو في ميزان حسناتهم رحمهم الله, الراحلون عن هذه الدنيا ممن امتهنوا عمل الخير والصلاح هم والله الفائزون الرابحون, آل سعود من أي طينة جبلكم الله غير طينة الخير والعمل من أجل مرضاته, رحمك الله أم خالد وجعلك في الفردوس الأعلى برفقة الأنبياء والرسل والصديقين والصالحين, وعزائي لكم أبناءها وحقّ لكم بأن تفخروا بها أُمّاً عظيمة وأميرة صالحة معطاءة. [email protected]