كيف تصبح نافذاً فعلاً؟.. اكتشفنا عن أن القادة الذين يلقون القدر الأكبر من الاحترام يتجنّبون التقنيات التي تهدف إلى حثّ الناس على الانصياع لوقت قصير، ويبتعدون عن العقلية المرتكزة على الذات، التي تقوم على السؤال حول «كيفية حثّ الناس على فعل ما أريده». وبدلاً من ذلك، يعتمدون مقاربة مختلفة تماماً. لقد قابلنا أكثر من مئة صاحب نفوذ شديد التأثير، جاءوا من قطاعات ومؤسسات مختلفة وكثيرة، لغايات مرتبطة بالكتاب الذي ألفناه مؤخراً. وقد اعتمدوا، من أجل التوصل إلى نفوذ فعلي، على أربع خطوات تُحدث تغيّراً جذرياً في وسائل الإقناع التقليدية، مع العلم بأنّ هذه الخطوات هي توجيهات عمل، يمكن أن نلجأ إليها جميعاً لحث الناس على إنجاز المهام بطرق لا تسمح فقط بتحقيق نتائج ممتازة، بل وتوثّق أيضاً العلاقات، وتعزّز المصداقية. وفي مقالات سابقة، سبق أن تطرقنا للخطوة الأولى، حول السعي خلف النتائج الممتازة، والخطوة الثانية، حول تخطّي المواضيع التي تجهلها، والخطوة الثالثة، حول توليد التزام لدى الآخرين «بما يعنيهم». والآن، فلننظر إلى الخطوة الرابعة: عند اكتفائك بما فعلت... افعل المزيد. فكّر في آخر مرّة ساعدت فيها شخصاً بالغ الأهمية في حياتك على تحقيق هدف. قد تكون ساعدتَ صديقاً على إطلاق مشروع أعمال، أو شاركت في التخطيط لعرس، أو ساعدت ابناً لك أو ابنة على الانتقال إلى مدينة جديدة. وعندما عرضتَ المساعدة، نراهن على أنك لم تقل، «سأكرّس بضع دقائق لتقديم النصائح، ولكن في حال أردتم المزيد، فعليكم أن تخدموني بالمقابل». وبدلاً من ذلك، تكون قد أمضيت ساعات على التسوّق، وتعليق الزينة ونقل الأثاث، وتطوّعت للقيام بمهام معقّدة، أو صعبة، أو تتطلّب وقتاً طويلاً، كتنظيف البرّاد أو كتابة 300 اسم بتأنّ على 300 بطاقة تحديد لأماكن الجلوس. لماذا؟ لأنك ستفعل دوماً المزيد من أجل الناس الذين تهتمّ فعلاً لأمرهم. والواقع أنك لن تتوقف حتى للتفكير في الأمر، إذ تخطر لك الأفكار بشكل طبيعي، لأن علاقتك بهؤلاء الناس تهمّك، وأنتَ تريد توثيقها. ولا شك طبعاً في أن هذه العلاقات مميزة، وتعتري بنظرك أكثر من تلك التي تربطك بأحد المعارف في العمل، أو من علاقة مع صديق عرضي. ولكن في أي علاقة، يمكن أن تتخطّى ما هو متوقَع. وعندما تقوم بذلك، تكون قد صرّحت عن هويتك كإنسان وكصاحب مهنة محترف. وعندما تفعل المزيد، تذكّر دوماً أنك «لا تعطي لتحصل على أمر معيّن». وإياك أن تنظر إلى أفعالك على أنها تمهيد للانتقال إلى طلب محرج من شخص آخر. وبدلاً من ذلك، من الضروري أن تفهم أن أهدافك تقضي ببناء علاقات طويلة الأمد وبتحسين الأمور. - الدكتور مارك غولستون خبير نفساني في مجال الأعمال، ومستشار تنفيذي، ومتحدّث رئيسي وشريك تأسيس لشركة «هارتفلت ليدرشيب». أما جون أولمن، فيشرف على موقع MotivationRules.com، ويعلّم في كلية «يو سي أل إيه أندرسون سكول أوف مناجمنت». وقد شارك الاثنان في تأليف كتاب بعنوان: «النفوذ الحقيقي: إقناع بلا ضغط ومكاسب من دون استسلام» Real Influence: Persuade Without Pushing and Gain Without Giving In).