نُشرت عدة تقارير في الأسابيع القليلة الماضية تتحدث عن تأثير النفط الصخري على أسواق النفط العالمية وتأثيره المحتمل على حصة تصدير أوبك في المستقبل. بالنظر إلى هذه التقارير نجد أن هناك تفاوتا كبيرا بينها حيث نجد أن بعض هذه التقارير متفائلة للغاية من حيث الزيادة المستقبلية المتوقعة في إنتاج النفط من هذه الموارد الهيدروكربونية غير التقليدية لحد الوصول على المدى البعيد إلى الاكتفاء الذاتي بالنسبة لبعض المستهلكين الرئيسين للنفط مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على حصة تصدير نفط أوبك المستقبلية. هذا هو الموقف الذي اعتمده تقرير وكالة الطاقة الدولية الذي يتنبأ بازدهار إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية في العام القادم مما يساعد على تلبية الطلب العالمي ويؤدي إلى تقليص حصة إنتاج دول منظمة أوبك. ونجد البعض الآخر من التقارير متشائما جداً من حيث التشكيك في عناوين الأخبار التي تتحدث بتفاؤل كبير عن هذا النوع من النفط الصخري، وتركز هذه التقارير المتشائمة على ذكر الكثير من التحديات البيئية والتقنية التي سوف تواجه هذه الصناعة إلى درجة أنها تسمى هذه الطفرة النفطية الصخرية «بفرقعة بالون» قد لا تستمر طويلاً. هذه التقارير المتشائمة تعتمد على حقيقة عدم وجود بيانات إنتاج مستمر لهذه الموارد على مدى طويل (+3 سنوات) يساعدنا على معرفة إمكانية استمرار الإنتاج من هذه الموارد غير التقليدية، والتكلفة العالية لتقنيات تكسير الصخور الهيدروليكي والتي بواسطتها تتحول هذه المشاريع من مشاريع ذات جدوى غير اقتصادية إلى مشاريع ذات جدوى اقتصادية، وعدم وجود تقييم كامل للأثر البيئي الذي قد تحدثه المواد والسوائل المستخدمة في عملية التكسير الهيدروليكي، ومدى توفر أجهزة الحفر الكثيرة الضرورية لحفر أعداد كبيرة من الآبار، وعدم توفر كميات كبيرة من المياه المستخدمة في عملية تكسير الصخور. هذه العوامل مجتمعة تجعلنا نتبنى رأياً متحفظاً نوعاً ما بين هذين الرأيين المتطرفين. ألا وهو أنه من السابق لأوانه أن نستنتج أن يكون للنفط الصخري تأثيراً كبيراً على معدلات إنتاج منظمة أوبك على المدى الطويل. هذا هو الموقف الذي تبنته منظمة أوبك خلال الاجتماع الوزاري في مايو الماضي في فيينا والذي ينص على الحاجة إلى مزيد من الدراسة لفهم عواقبه المتوسطة الأجل على المنظمة. وأقول إنه اعتماداً على ذلك وما تم الإعلان عنه من زيادة في الإنتاج من هذه المصادر غير التقليدية للعام القادم (2014م) خاصة من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية فإنني أرى أثراً طفيفاً لهذه الموارد غير التقليدية على حصة أوبك في السنوات القليلة المقبلة (1-3 سنوات). أعتقد أن هذه الزيادة في إنتاج الولاياتالمتحدة في السنوات القليلة القادمة سوف يستخدم جزء كبير منها لتعويض الزيادة المتوقعة للطلب على نفط أوبك بما يفوق طاقتها الإنتاجية الرئيسية الحالية. وهذا أيضاً سوف يخفف الضغوط الدولية على دول المنظمة وحاجتها إلى استثمار مليارات الدولارات لزيادة طاقتها الإنتاجية الحالية أو إنتاج طاقتها الإنتاجية الفائضة الموجودة حالياً (خاصة المملكة العربية السعودية) لتلبية الطلب المتزايد المتوقع على النفط العام القادم. كما أن كمية نفط أوبك التي من المفترض أن يتم تصديرها السنة القادمة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية -بدلاً من النفط الصخري الذي سوف تنتجه- يمكن أن تحول بسهولة إلى البلدان الصناعية الأخرى التي يُتوقع زيادة طلبها من النفط في السنوات القليلة القادمة مثل الصين. لهذه الأسباب، أتوقع أن الطلب على نفط أوبك لعام م2014 لن يتغير مقارنة مع عام 2013م. وستتم تغطية زيادة الطلب المتوقع على النفط العالمي في عام 2014م (1.3 مليون برميل يوميا) من خلال إنتاج النفط الصخري من الدول المنتجة خارج أوبك مما سوف يساعد على الحفاظ على توازن إيجابي بين العرض والطلب في السوق النفطية وتوفير استقرار نسبي لأسعار النفط كما هو الحال في 2013م. بالطبع أوبك سوف تستمر بامتلاك المرونة لضمان الحفاظ على هذا التوازن الإيجابي بين العرض والطلب للحفاظ على الأسعار الحالية المفضلة لديها (100$ للبرميل) إذا ما طرأ أي تغيير غير متوقع على تطورات هذا النوع من النفط سواء كان إيجابياً أو سلبياً. وهذه المسألة -بلا شك- ستكون واحدة من القضايا الساخنة التي سيناقشها وزراء نفط أوبك في اجتماعهم المزمع نهاية العام والتي أتوقع أن تعتمد فيه المنظمة نفس إستراتيجية اجتماع شهر مايو الماضي من دون أي تغيير في حصص الإنتاج، ومواصلة رصد ومراقبة تطورات صناعة النفط الصخري. للمزيد من القراءة عن النفط الصخري، يرجى الاطلاع على المعلومات المنشورة في مدونتي: www.saudienergy.net/unconventionaloilgas.htm www.saudienergy.net Twitter: @neaimsa