قبل انتشار التدوين وحين كانت الأمية هي القاسم المشترك لأفراد المجتمع كان الراوي بمثابة وزارة الثقافة والإعلام يمطر لسانه من سحائب ذاكرته على مسامع متعطشة لجديد الأحداث والقصيد والأخبار والحكايات.. وكان يستقر في وجدان السامعين أن جل ما يقوله الراوي حقائق غير قابلة للتشكيك فما بالك بالتكذيب! لا أحد ينكر الدور الهام للرواة فلولاهم لضاع الكثير من الإبداع وتوارت الكثير من الأحداث عن ذاكرة الحاضر. على مستوى الأدب والشعر الشعبي كان للرواة خلال عقود مضت دور فاعل في النقل والحفظ والتوثيق ورسالتهم كانت ثقيلة ومضنية. جلهم قام بواجبه على أكمل وجه واضعا الأمانة العلمية بوصلته والدقة والتحري والتثبت والتمحيص منهجه في البحث والنقل.. بفضل هؤلاء استمتعنا واستفدنا الكثير من الأشعار والقصص والأحداث التي سيكون النسيان وجهتها لولا حرص هؤلاء وإدراكهم لأهمية رسالتهم للأجيال القادمة. لكن في الجانب الآخر هناك قلة من الرواة تدخلت ذوائقهم الأدبية في بعض ما نقلوه من قصائد فأضافوا عليها من عندياتهم ما ليس في النص.. أي أنهم قاموا بإكمال بعض القصائد والمقطوعات الشعرية بأبيات من عندهم بذات الوزن والقافية التي كتب عليها الشاعر وبنفس المعنى وأضافوها لقصيدة الشاعر الغائب الذي لا يستطيع الدفاع عن نفسه.. هذه الإضافات من بعض الرواة التي تتم بحسن نية كما أظن توقع المتتبع في شرك اللبس وحرج الخلط بين ما هو أصيل من عمل المبدع وبين ما أضافه الراوي لذلك العمل ولا يستطيع فصل الاشتباك بين الصحيح والمضاف بشكل دقيق إلا الراوي نفسه حين يدرك حجم خطئه ويقوم بتصحيحه وهو إن لم يفعل ذلك ستتعقد الأمور بشكل أكبر ويصبح الفرز الأمين شبه مستحيل! أمران من وجهة نظري دفعا بعض الرواة لمثل هذا العمل الذي يتقاطع مع الأمانة العلمية والأدبية أولاهما حب التميز بتدوين مادة خاصة بالراوي لا يملكها غيره موهماً المتلقي أنه اجتهد كثيراً من أجل الحصول على هذه القصيدة أو تلك.. ثانيهما عدم استطاعة الراوي كبح الشاعر في داخله وإيقافه عن التدخل في إكمال نص لشاعر غاب عن المشهد فأصبحت مشاعره مستباحة وإرثه الأدبي قابل للعبث! خطوة أخيرة ل عبدالله العليوي شفتك مع اللي صار عقبي حبيبك واحتارت العبرة بعيني وصديت مدري هي الصدفة لدربي تجيبك مدري انا اللي في دروبك تحريت [email protected] تويتر AhmedALNasser99