افتتح معالي رئيس هيئة مكافحة الفساد الأستاذ محمد بن عبد الله الشريف أمس ندوة «دور المراجعة الداخليَّة في حماية النزاهة ومكافحة الفساد» في فندق مداريم كراون بالرياض. ويشارك في الندوة التي تعقد على مدى يومين نخبة من المختصين في الرقابة الماليَّة والإداريَّة، وشؤون حماية النزاهة ومكافحة الفساد من داخل المملكة وخارجها، من بينهم نائب رئيس البنك الدَّوْلي للنزاهة ورئيس المجلس الاستشاري لرجال الأعمال بمنظمة الشفافية الدوليَّة، ونائب مدير برنامج الاستثمار في منظمة ال(OECD)، والمدير التنفيذي لمشروع العدالة العالمي، ومدير المخاطر الإقليمي بوحدة الاستخبارات الاقتصاديَّة بالمملكة المتحدة. وألقى رئيس هيئة مكافحة الفساد كلمة رحب خلالها بضيوف الندوة، معربًا عن سعادته وزملائه في الهيئة الوطنيَّة لمكافحة الفساد بتجاوب الجميع، وبخاصَّة من حضر من خارج المملكة من الهيئات والمنظمات الدوليَّة المكافحة في هذا المجال. وقال: «رغم الجهود الكبيرة المشهودة التي تبذل عالميًّا في مجال مكافحة الفساد بقيادة الأممالمتحدة، والبنك الدولي، ومنظمة الشفافية الدوليَّة، ومنظمات المجتمع المدني، والمخلصين في بلدانهم، في القطاعات الحكوميَّة والأهلية، ما زال شبح الفساد يخيّم على قطاعات مهمة من قطاعات التنمية، ويعيق تقدمها، ويحول دون وصول دماء الاقتصاد إلى شرايين الحياة في البلدان النامية، ومازال هناك بشرٌ يستأثرون بحقوق غيرهم، ويستحلونها لأنفسهم، في غياب من ضمائرهم، وتغييب لسلطة القوانين، متناسين أنَّه سوف يأتي يوم تضرب فيه سيوف الحق والعدل هامات الظُّلم والفساد». واستعرض الأستاذ الشريف الجهود التي قامت بها المملكة العربيَّة السعوديَّة في هذا المجال ومنها إنشاء حساب بنكي قبل ثماني سنوات اسمه (حساب إبراء الذمة)، معلنةً أنّه بإمكان من يريد إبراء ذمَّته من أيّ مال أخذه أو حصل عليه، وهو لا يستحقُّه، أن يودعه في هذا الحساب، من دون أن يتبع ذلك أيّ مساءلة، حيث بلغت حصيلة ذلك الحساب حتَّى الآن قرابة (250) مليون ريال، أيّ (66 مليون دولار) وأصدرت الإستراتيجيَّة الوطنيَّة لحماية النزاهة ومكافحة الفساد في بداية العام (2007م) كأول إستراتيجيَّة على مستوى الوطن جعلت مهمة مكافحة الفساد ليست حكومية فقط، وإنما وطنيَّة، يجب أن يسهم في تبنيها وتطبيقها كل مكوِّنات المجتمع وكياناته أفرادًا ومؤسسات». وقال معالي الأستاذ الشريف: « أنشأت الدَّوْلة بعد ذلك الهيئة الوطنيَّة لمكافحة الفساد في بداية العام 2011م، حين أصدر خادم الحرمَيْن الشريفَيْن الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- أمره بتكوين الهيئة تكوينًا فريدًا غير مألوف، يمكن استنباطه بربط الهيئة بالملك مباشرة، وتتمُّتع بالشخصيَّة الاعتبارية والاستقلال التام ماليًّا وإداريًا دون تأثير من أيّ جهة كانت، وليس لأحد التَّدخُّل في مجال عملها، وهدفها حماية النزاهة، وتعزيز مبدأ الشفافية، ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتَّى صوره ومظاهره وأساليبه، وتشمل مهامها القطاعات الحكوميَّة كافة، ولا يستثنى من ذلك كائن من كان، وتشمل مهامها متابعة تنفيذ الأوامر والتَّعليمات الخاصَّة بالشأن العام ومصالح المواطنين، وتعمل على تحقيق الأهداف الواردة في الإستراتيجيَّة الوطنيَّة لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، ومتابعة تنفيذها، ورصد نتائجها، وتقويمها ومراجعتها، ووضع برامج عملها وآليات تطبيقها. وأكَّد أنّه لم يغب عن الهيئة التواصل مع الهيئات المماثلة والمنظمات والمؤسسات الدوليَّة العاملة في المجال ذاته، من أجل الإفادة من تجاربها، والاشتراك معها في العديد من اللقاءات والمؤتمرات، وقد قامت المملكة خلال تلك الفترة الوجيزة بالوفاء بالالتزامات المهمة التي ترتبها الاتفاقية الدوليَّة لمكافحة الفساد، وهو ما مكنها من المصادقة عليها والانضمام إلى منظومة الدول الأطراف فيها، كما صادقت على الاتفاقية العربيَّة لمكافحة الفساد، واتفاقية إنشاء الأكاديمية الدوليَّة لمكافحة الفساد، وتواصلت مع العديد من المنظمات الدوليَّة للإفادة من خبراتها وتجاربها في هذا السبيل. وقال رئيس هيئة مكافحة الفساد: «استشعارًا من الدَّوْلة لأهمية المراجعة الداخليَّة في الرقابة على أعمال المؤسسات وضبطها وانضباطها، وقدرتها على توجيه الأعمال نحو تحقيق الأهداف، أصدر مجلس الوزراء قبل ست سنوات اللائحة الموحدة لإدارات المراجعة الداخليَّة في أجهزة الحكومة والمؤسسات والهيئات العامَّة، وجعلت تلك اللائحة إنشاء إدارات للمراجعة الداخليَّة واجبًا يستهدف تحقيق أهداف كثيرة من أهمها: حماية الأموال والممتلكات العامَّة، والحد من وقوع الغش والأخطاء واكتشافها فور وقوعها وضمان دقة البيانات الماليَّة والسجلات المحاسبية واكتمالها وضمان فاعلية العمليات الإداريَّة والماليَّة وكفاءتها بما يُؤدِّي إلى الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتحقيق التقيد بالأنظمة والتَّعليمات والسياسات والخطط الملزمة للجهة لتحقيق أهدافها بكفاءة وبطريقة منتظمة وسلامة أنظمة الرقابة الداخليَّة وفاعليتها حيث تقوم الهيئة بمتابعة إنشاء تلك الإدارات ودعمها بالكوادر المؤهَّلة، يقينًا منها بأنها، أيّ إدارات المراجعة الداخليَّة، هي إحدى الوسائل الفعَّالة لمنع وقوع الفساد، وتوفر للمسؤول الأول في الجهاز الحكومي مصدر اطمئنان على صحة وسلامة ما يجري في إدارته». وأشار إلى أن عمل المراجعة الداخليَّة في أيِّ منشأة في العالم هو العين والوسيلة التي يطمئن عن طريقها المسؤول الأعلى على ما يجري في منشآته، وغير بعيد عنَّا ما حدث قبل سنوات قليلة من انهيارات كاملة لمؤسسات ماليَّة عالميَّة عريقة، ذهبت على إثرها أموال المستثمرين دون رجعة، لسبب وحيد هو تهميش دور المراجعة الداخليَّة. وبيَّن أن الهيئة الوطنيَّة لمكافحة الفساد (نزاهة) دعت إلى عقد هذا الملتقى لإلقاء مزيد من الضوء على أهمية دور المراجعة الداخليَّة في المنشآت، واستضافت لعقده نخبة من ممثلي بعض الهيئات والمنظمات الدوليَّة رغبة في أن يثروا محاور هذا الملتقى بتجاربهم وخبراتهم، ويدعموا الهيئة برؤاهم وأفكارهم، لتجعل من إدارات المراجعة الداخليَّة عنوانًا ورمزًا للنزاهة والشفافية. إثر ذلك ألقى نائب رئيس البنك الدَّوْلي للنزهة ليونارد ميكارثي ورئيس المجلس الاستشاري لرجال الأعمال بمنظمة الشفافية الدوليَّة، ونائب مدير برنامج الاستثمار في منظمة ال(OECD)، والمدير التنفيذي لمشروع العدالة العالمي، ومدير المخاطر الإقليمي بوحدة الاستخبارات الاقتصاديَّة بالمملكة المتحدة، كلمات عبَّروا خلالها عن سعادتهم بالحضور والمشاركة في هذه الفعاليات واستعرضوا دور مكافحة الفساد في البلدان وأهمية تطبيق المراجعة الداخليَّة داخل الإدارات، مستعرضين الأهداف والنتائج التي تحقِّقها المراجعة الداخليَّة. عقب ذلك بدأت أعمال الجلسة الأولى تحت عنوان «المراجعة الداخليَّة ومكافحة الفساد» بحضور عدد من المختصين في مجال المراجعة الداخليَّة، ومديري الإدارات في الجهات الحكوميَّة.